السجن 720 يوما
صالح الحمادي.
هل تعلمون مدى تأثير سجن إنسان بشحمه ولحمه 720 يوما، ثم يحصل على صك براءة بخط أنيق وعبارات تسم البدن؟
أشعر بمرارة الحروف وألم اللحظات، وأشعر أنني أمام قصة إنسانية عميقة الحروف مؤلمة في الزوايا والدوائر والمربعات، موغلة في الوحشية والذل لقيمة الإنسان وكرامته.
شماعة أزمة مياه عسير في شهر رمضان الماضي، اقتادت لغياهب “السجن” عددا من صغار الموظفين، و”شالت” الشماعة الأزمة برمتها، وحكم القاضي بالسجن على المعنيين ليلة العيد 29 رمضان!
هل تستوعبون معنى ليلة العيد ومساحة الفاجعة للضحايا وأسرهم وأقاربهم؟
المسوغات أمام القاضي، والضحايا صامتون لا حول لهم ولا قوة، والنتيجة 720 يوما من الألم والتعب والغبن، ثم يأتي الفرج بصك براءة “وسكتم بكتم”.
إحدى الضحايا توقفت دراسة بناته نهائيا بسبب معاناتهن في المدرسة!، وآخر توقف مشروع خطبة زواجه ونتج عن ذلك تدمير مستقبل شريكين في الحياة!، وآخرون تسلل الغيظ والحنق إلى “القولون” ليوقظه من سبات السلامة إلى شارع الوجع مع السكر والضغط وبقية المشهيات!، وقصص إنسانية متعددة تضيق بها المساحة.
سبق أن طالبنا من القضاة الأفاضل برد 60% من القضايا التي تصل إليهم بحجة “عدم الاختصاص”، وطالبنا بقوانين وضعية مفصلة ومقننة مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله، وسبق أن طالبنا بالاتجاه إلى منطق الداء والبحث عن الدواء بدلا من شماعات مفصلة لصغار الموظفين.
من يرد اعتبار سجناء أزمة مياه عسير؟ ومن يعيد إليهم قيمتهم وكرامتهم؟ وكيف يتجاوزون مطب المجتمع الذي لا يرحم؟.
افتحوا هذا الملف فضائيا ومنبريا، وابحثوا عن السور والباب والحارس، وتذكروا عشرات القصص المستنسخة في كل حدب وصوب. احذروا سهام الليل التي لا تخطئ أبدا.>