وصمة المرض النفسي

بقلم الأستاذة / صالحة القحطاني

تقول الكاتبة Jodee Blanco في إحدى روايتها:
‏”في عيادات الطب النفسي، لا يأتى المرضى للعلاج..
‏بل ضحاياهم!”.
أشارت أحدث تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن في عام 2019 بلغ عدد المصابين بالإكتئاب حول العالم حوالي280 مليون مصاب (8٪منهم أطفال ومراهقين) بالإضافة إلى أن هناك زيادات ضخمة في معدلات الإصابة بالإكتئاب في فترة مابعد جائحة كورونا 2020 .
حيث تُشير التقديرات الأوّلية إلى أن نسب الزيادة تتراوح مابين 26لـ 28٪ ومن بين كل 8 أشخاص حول العالم يعاني 1من اضطراب نفسي، ومن بين كل 100 شخص هناك ثمانية أشخاص يعانون من القلق والإكتئاب، فعدد الذين يعانون من اضطرابات نفسية حول العالم كبير جداً ،وفي المقابل قليل جداً من يتلقّون المساعدة مقارنة بهذا العدد من هذه الإحصائيات الهامة، التي تجعلك تتسآئل ماهو دورنا كأفراد في نشر الوعي عن الصحة النفسية، وتصحيح مفهوم الإضطرابات النفسية بأنها ليس وصمة عار بل يُنصح بزيارة الطبيب النفسي للعلاج المعرفي والسلوكي، وعدم الترددّ في تناول الدواء بانتظام وبإشراف الطبيب..
فالرعاية الصحة النفسية تسير جنباً إلى جنب مع رعاية الصحة الجسدية، فالجسد هو صورة النفس.
‏والصحة النفسة لها أربع مؤشرات وهي: المرونة العقلية ، والتكيّف مع الضغوط ،والنضج في إدارة الإنفعالات، وعلاقات متوازنة.
ومن أشهر الأضطرابات النفسية :
‏-الإكتئاب وهو مرض نفسي بأشكال مختلفة، يُصاب به المريض نتيجة صدمات، أو ظروف نفسية متعددة، تسبب الإنخفاض التدريجي أو الحاد في المزاج، والنفور من الأنشطة ،والشعور بالحزن والقلق والفراغ والتشاؤم والإضطراب وفرط الأكل أو فقدان الشهية ،ينتُج عن خلل كيميائي يُصيب المخّ ويمكن علاجه بفعالية إذا تم تشخيصه مبكراً.
‏-الرهاب أو الفوبيا وهو مرض نفسي يُعرف بأنه خوف متواصل من موقف أو نشاطات أو أجسام معينة أو أشخاص عند رؤيتها أو حدوثها أو مجرد التفكير فيها.
-‏القلق وهو حالة نفسيه فيسيولوجية لِخلقَ شعور غير سار يرتبط عادة بعدم الإرتياح والخوف أو الترددّ، نتيجة عناصر إدراكية وجسدية وسلوكية.
‏-الفصام ( الشيزوفرينيا) مرض نفسي متكامل الأعراض نتيجة أسباب بيلوجية فقط، يُصيب هذا المرض جميع وظائف الفكريّة والعقليّة، كالتفكير والإدراك والعواطف واللغة والكلام ،ويتّسم المصاب به بسلوك اجتماعي غير طبيعي، وفشل في تمييّز الواقع ،وهو غير قابل للشفاء لكن أعراضه قابلة للسيطرة عن طريق أدوية خاصة.
‏-اضطراب الهلع وهو عبارة عن نوبة مفاجأة من الخوف الشديد الذي يحفّز ردود الأفعال الجسمانية الشديدة بينما لايوجد خطر حقيقي أو سبب واضح للخوف .
فالحديث عن حالتك النفسية ليس ضعفاً، وطلب الدعم النفسي ليس عيباً، وتوفير الدعم النفسي ليس رفاهية.
‏والأهتمام بالصحة النفسية لايُحتّم عليك التظاهر بالإيجابية والتفاؤل طوال الوقت.فمن الصحي جداً أن تطلب المساعدة من مختص حين تشعر بأنك تتألم.
أشار الدكتور “محمد اليوسف” استشاري الطب النفسي واضرابات المزاج(الإكتئاب) والقلق في تغريدة لهعبر تطبيق تويتر قائلاً:(المصاب بالاكتئاب ليس حزيناً طوال الوقت، بل معظم الوقت! هو يقاوم ويحاول الخروج من عزلته،وانكساره، وفقدان شغفه بالحياة..يخرج ليحاول أن ينسى وهو في الحقيقة يتناسى كأي مريض آخر يجاهد لتجاوز آلامه فيحملها معه،كونوا عوناً لهم بالكلمة الطيبة،لا تحرجوهم بأسئلة مثل: وش فيك! وش صاير لك ! فالاكتئاب ليس عقاباً ربانياً،ولا ضعفاً في شخصيتك، وليس دليلاً على بعدك عن الله ،فالله سبحانه أكرم وأجل من أن يعاقب بالأمراض فاصبر تُشفى وتؤجر ! ” لا أحد يختار حالته المزاجية ولا احد يستطيع أن يِجبِرَ نفسه على السعادة في حالات عواصف الإكتئاب.
لذا لاتقل لمن يكتئب كُن سعيداً ! لأنه لو استطاع ذلك لما انتظر تعليقك السطحي على حالته !
ووجّه أيضاً الدكتور محمد اليوسف رسالته للمصابين بالأكتئاب بالتعامل معه كسحابة في سماءك،وفصل من فصول عمرك. الوقت كفيل باذن الله في أن تنقشع تلك الغيمة السوداء وتصفو أيامك وتحلو لياليك.
ختاماً
-صحتك النفسية نور يُضيء حياتك حافظ عليها لِتسعَد وتُسعِد من حولك .
واخذ الاستشارة النفسية من مختص يضمن لك حياة صحية سليمة، لاتكن ضحيّة استشارة خاطئة وخذ الاستشارة من مصدرها .وتذكروا دائماً أن “المتاعب تمُرُّ بالأقوياء فقط، أما الضعفاء فهُم بحد ذاتهم تعب”
-‏الطبيب النفسي يخيط جراحاً لاترونها، ويعالج ويرمم من الداخل، فشكراً لكل طبيب وممارس صحي قام بالمبادرة بنشر الوعي ،وإيصال المعلومة الصحيحه والمفيدة عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وشكراً للوقت الذي يخصصه لتأدية زكاة العلم لتوعية الناس ،كلاً في مجاله وحسبْ إستطاعته ،وشكراً للإيجابية التي تمنحونها الحيارى ومن تساوت الحياة والممات لديهم ،فشكراً لحرصكم وتفانيكم ،ووافر الإمتنان لعطائكم اللامتناهي وشكراً إلى مالا نهاية.
-ولكل من يمرّ من هنا إذا لمِست انسحاباً من أحدهم ، وقلةً في المشاركة ،وهدوءاً غير معتاد ،فاقترب منه واستمع ،تعهّدوا قلوب من حولكم، اسندوهم ،واجبروهم واحملوا عنهم همومهم، أعينوا بعضكم البعض قبل فوات الأوان، فالحياة رحلة مضنية ،لاتتركوهم فريسة للإكتئاب والإضطرابات النفسية..
أخيراً :”ستتحسن نفسيتك كثيراً إذا أدركت أنه لا يجب أن يكون لكل شيء رد فعل، ولا كل رأي يستحق الإنفعال، ولا كل حدَثَ يستحق التضخيم، ولا كل كلمة تستحق الردّ عليها، اصمت وتبصّر، فليس بمقدورك تغيّيرّ الدنيا حولك، لكن بمقدورك التقليل من الأشياء التي تكدّر صفوك وتعكر مزاجك بالتجاهل وتمرير الأيام بهدوء .”

شاهد أيضاً

حادثةالتسمم الغذائي ضد معايير جودة الحياة

عبدالله سعيد الغامدي كنت في مقال الأمس تحدث عن حادثة التسمم الغذائي التي أعلنت عنها …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com