عسير صحيفة عسير الإلكترونية
بقلم / فلوة العائض
عند نافذة أملي المكسورة أقف متأملة السماء إلى أن تمتلىء عيناي مطرا علّها تروي صحراء شعوري أمل لتزهر الحياة فيني.
كم أشعر بالوحدة وبأن وجودي ليس ذو قيمة عند أحد وقبل ذلك عند نفسي.
فوالدي لم يشعرني بأني ذو قيمة لديه فقد جعلني أُمزق أوراق تقويم اللحظات السعيدة بحياتي.
كيف أستطيع مواجهة العالم الخارجي بعد أن كُسر فيني براءة قلبي ومازلتُ أحاول ترميم بقايا وجودي.
وفي لحظة تأمل فجأة أتى طائرٌ جميل ذو ألوان زاهية أمامي لينقر على الشجرة نقرات بدأت قريبة جداً مني فإذا هو طارقٌ يطرق باب منزلي.
_من الطارق؟
_من أنتِ؟
هذه أنتِ وبعناقٍ اجتمعت فيه المشاعر المبعثرة في كل مدينة لتجتمع وسط حضنكِ يا(أمي).
أنتِ الأمان لحياتي.
أنتِ النور لطريقي.
أنتِ السعادة لقلبي.
_لاتخافي يا(أمل) أنا لن أخذلكِ مرةً أخرى فقد رحلتُ عنكِ لأنني لم أستطيع الدفاع عنكِ وعني أمام جبروت والدكِ.
قد عدتُ اليوم إليكِ ولكِ ولن أسمح لأحدٍ أن يأخذكِ مني.
سأعيد البهجة لقلبكِ الصغير وسأمسح كل لحظة حزن من داخلكِ.
هيا بنا لنرحل من هذا المكان يا(أمل).
_أمي ماذا عن (أبا أيمن)؟
_لن يحدث ذلك الاتفاق الذي كان بينهُ وبين والدكِ(رحمه الله) فأنا وطنكِ الذي لن يترك لعابر سبيل أن يعبث بإنسانيتكِ.
وقبل أن نغادر هذا المكان ضعي فيه قنينة عطركِ القديمة وصندوق وجعكِ فلن أسمح لكِ بأخذ أي ذكرى منه فولادتكِ من جديد ومعي قد حانت وفرحتكِ بالحياة باتت قريبة.
كنتُ سعيدة جداً بأنني عدتُ إلى ملاذي الأمن (حضن أمي) وسيصبح الجزء المفقود من حياتي مكتمل معها فلن أنام بعد اليوم بخوفٍ ومكسورة ولن أصحو لليوم التالي مفجوعة من صوت عصا والدي.
ستداوي أمي كل جرح غائر بأعماقي وستضع بدل عنه زهرة سعادتها لتعود بهجة الحياة فيني.
في تاريخ١٤/ ١ /٢٠٢٣ توفي والدي وترك لي وصية كتب فيها أوصيكِ يا ابنتي بزيارة قبري والدعاء لي وختم تلك الوصية بكلمةٍ كنتُ انتظرها منذُ سنيين طويلة وأنا أنظر له خائفة وهو يقرر رمي طفولتي لعالمٍ مجهول. سامحيني.
اليوم أصبحت بأفضل حال يا والدي ولكن مازال هناك أنيّن بأعماقي لم يصمت ولن يصمت فهل بعد الخمسين عام سأغفر لك؟؟
جفت محبرة قلمي باكتمال الجزء المفقود من قصتي بوجودي وسط أحضانٍ آمنة (وطني).
