صناعة الأجيال

إن البشر في جميع المجتمعات تدرك بأن دور المعلم هو الأساس الذي ينطلق منه المجتمع في بناء مستقبلهم الحضاري، والإنساني، بل من أهم قياس لحضارة مجتمع ما هي في مهنة التعليم لديهم، ولاريب في ذلك، فالمعلم هو من ينشئ الأجيال التي تكون في المستقبل هم من يملكون القرارات بقيادتهم للمجتمع.
ودور المعلم تبرز أهميته في نشأة هذا الإنسان وتهيأته ليكون في المستقبل ممن يساعد المجتمع في عمارة هذه الأرض، وفي هذا قال أمير الشعراء أحمد شوقي : قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا **كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا. أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي **يَبني وَيُنشِئُ أَنفُسًا وَعُقولا.
فالمعلم هو الأساس لتكوّن مستقبل مجتمع ما؛ لأن الإنسان منذ صغره يتأثر بمعلمه أكثر من غيره، فإن اكتساب الطالب للتحصيل العلمي وتذييل الصعاب التي تواجهه من المهام الأساسية للمعلم، فالمعلم الناجح من يذيّل الصعاب وتسهيل وصول المعلومة إلى ذهن الطالب حتى يجعل الطالب هذه المعلومة واقعا بتطبيقه إيها، وفي ذلك يتمّيز المعلم الناجح من غيره سواء بابتكاره لاستراتيجيات وطرق تعليمية حديثة أو بترسيخ التعلم الذاتي المستمر للطالب.
فالملعلم بذلك يزيد من ثقة الطالب بنفسه ويبني احترامه لذاته، لاسيما في السنوات الدراسية الأولى فالطالب من أشد ما يتأثر به في الحياة التعليمية بمعلمه وهذا مشاهد فالطالب يتأثر بأخلاق معلمه، وكذلك في هيئته حتى بعض الطلبة من شدة تأثّره بمعلمه يحاكي مشيته. فالمعلم له دور عظيم في تكوين شخصية الإنسان مما يضحي بذلك إلى إبراز المعلم للأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة التي تبني مجتمعا متحلّيا بها محاربا لأخلاق الرذيلة والأفكار الهدامة والقيم التي تنافي الفطرة السليمة.
فيكون الطالب معتزا بهويته وثقافته متمسكا بحضارة بلاده وتراثها، فبذلك يتعزز الانتماء الوطني داخل الطالب فيحب وطنه ويدافع عنه ويفتخر في وطنه أمام كل مجتمع من مجتمعات العالم .
ولما كان دور المعلم ظاهرا في المجتمع الإنساني وتأثيره عليه فإن رؤية المملكة العربية السعودية 2030م وهي رؤية تنموية تهتم بتطوير وتقدم المجتمع السعودي جعلت المعلم من أولوياتها لتطويره وتقدمه إيمانا بدوره وتأثيره المباشر على المجتمع.
فجلعت للمعلم الدور البارز في بناء المجتمع المتعلم الذي يتحمل المسؤولية ويتخذ القرارات المناسبة مستقبلا وأن يكون الفرد في المجتمع مؤثرا لا متأثرا فاعلا لا منفعلا، وهذا الاهتمام بالمعلم ما هو إلا مجرد انعكاس لأهمية دوره في الحياة التعليمية والتربوية؛ لأنه هو المؤثر المباشر على أفراد المجتمع .
وفي النهاية مما لاشك فيه أن المعلم هو الوحيد القادر على إنشاء مجتمع ناجح ومتفهم لطبيعة الحياة ومتطلّباته، يضحي بذلك أن المعلم صانع لعقول المتجمع .

بقلم الأستاذ /
أحمد سعود الرويلي

شاهد أيضاً

وثيقة “الاستدامة الثقافية” منجز لافت لمهرجان الجبل في نسخته الثالثة

صحيفة عسير _ يحيى مشافي أفضى الوعي الثقافي والأنشطة الإبداعية في ميادين الثقافة المختلفة والزخم …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com