تحريش

بقلم / منار مليباري

في صباح مشرق بعد نوم هنيء أو مساء منعش بعد عمل شاق ، تقرر أن تسترخي قليلا ممسكا بهاتفك الذكي متصفحا مواقع التواصل الاجتماعي تشاهد أجمل وأمتع المقاطع المضحكة و المسلية ، أو مقاطع النصائح والحكم التي تظهر لك بين الحين و الآخر والتي تبعدها احيانا مكملا مشاهدة المحتويات المسلية ، ثم يتكرر عليك أحد مقاطع الفلسفة كثيرا حتى تقرر أخيرا أخذ الفائدة منه فهو يخص بعض المستشارين النفسيين و الاجتماعيين ، فتستمع إلى بعض مايقدمونه من ( علم وموعظة ) والأسوأ من ذلك عندما تقرر ذلك في وقت قد حدث لك فيه موقف سلبي للتو لتجد أحدهم يقدم لك معلومات تقول لك :
علامات كره الشخص لك ، لا ينظر لك طوال الوقت ، لا يتكلم معك كثيرا ، يبتسم ابتسامة زائفة ، لا يرد على رسائلك في نفس الدقيقة …. الخ

أو قد تجدها بهيئة معكوسة تقول : علامات حب الشخص لك ، يتصل بك كل نصف ساعة ، يتغنى بجمالك طوال الوقت ، يبتسم معك دائما ، وحتى يحضر لك القمر … الخ

وكأنهم وبهذه العلامات قد قامو بحل المسائل المحيطة بالقلوب و اطلعوا على مافيها من مشاعر وأسباب وظروف مختلفة مجيبين بذلك على كل التساؤلات التي أصبحت تدور في ذهنك بسبب عنوان المقطع نفسه وليس لأن شغلك الشاغل كان دائما حب الناس لك !!

ثم بعد ذلك تجد مقاطع بنمط آخر تخبرك بأن من لا يفعل كذا وكذا فهو يستغلك أو أنه شخصية سامة أو حتى نرجسيه مقنعينك بأنك قد وقعت في الفخ وأنه حان الوقت لتنقذ نفسك وتقاطع جميع العلاقات التي تشعر انها كذلك حتى لو اضطررت للبقاء وحيدا !

بل وهناك قصة أخرى مضحكة وسلبية جدا مفادها بأن الحب لا يدوم و أنها مجرد تفاعلات كيميائية داخل المخ ! وأنه سينتهي مع مرور الوقت وكأنهم لا يؤمنون بالحب في الله وأنه قد يدوم في الدنيا و الآخرة .. و هناك العديد والعديد من القصص الأخرى السلبية الخاطئة التي يخبروننا بها بناء على دراسات ربما غير مسلمة ثم يطلبون منا التفكير بايجابية !

ثم انك ومع كثرة المقاطع و الفلسفة الزائدة أصبحت تجد بذور الشك تنمو في عقلك شيئا فشيئا معكرة مزاجك يوما بعد يوم حتى أصبحت تشعر بأنك أكثر شخص طيب ومكروه ويتم استغلاله في هذا العالم !

حسنا ربما تكون أنت واعيا بشأن ذلك التحريش وربما تستمع إلى كل ذلك الهراء من باب التسلية ليس إلا ، ولكنني أؤكد لك بأنك لن تسلم من وساوس الشيطان مع كل موقف ،
لكن ما يحزنني حقا هو معرفتي بأن من يطلع على تلك المقاطع الكئيبة هم أناس من مختلف الأعمار و الخبرات و المستويات التعليمية !

عن نفسي قمت باعتزال كل ذلك وحتى الغوص كثيرا في مواضيع تحليل الشخصيات وعلوم الطاقة وتطوير الذات وغيرها و التي وجدت كثيرا منها رغم اللطف الذي تبدو عليه إلا أنها في الحقيقة تحث على الكراهية و الوحدة واعتزال العالم !!
وفي النهاية أريد أن أقول بأنه ليس هناك أجمل من كلام الله الذي يعلم عنا كل شيء ، ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم الذي تمم مكارم الأخلاق .

شاهد أيضاً

مهرجان صفري بيشة 24 يعود بحلته الجديدة

عبدالله سعيد الغامدي تحتفي محافظة بيشة الليلة بافتتاح مهرجان صفري بيشة 24 في نسخته ال12 …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com