بقلم / منى الشعلان
من البديهي أن ينشد الكل النجاح في هذه الحياة ويسعى لتحقيقه .
والنجاح هو وصول الإنسان للهدف الذي يطمح أن يصل إليه بالاجتهاد والإصرار والمثابرة والإرادة والتفائل وعدم اليأس .
ومن أبرز عوامل النجاح الهمة العالية وطلب العلم والتبكير لأداء ذلك كله لقوله ﷺ ( اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتي في بُكُورِها ).
واسمى هدفٌ يسعى له الإنسان في هذه الحياة لينجح فيه هو رضا الله تعالى ، والقوة الإيمانية هي التي تدفعه للنجاح .
والنجاح رحلة تبدأ بالتوكل على الله سبحانه واستلهام التوفيق منه قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) وقوله ﷺ ( لو أنَّكم كنتُم توَكلونَ علَى اللهِ حقَّ توَكلِه لرزقتُم كما يرزقُ الطَّيرُ تغدو خماصًا وتروحُ بطانًا ) .
وبر الوالدين سبب تفوق الكثير من الناجحين في هذه الحياة على اختلاف مشاربهم وكيف لا يكون ذلك وقد قرن الله عز وجل عبادته ببرهم قال تعالى : ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ).
وقول الرسول ﷺ : ( رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر أحدُهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة ) .
ويعد الشخص الذي يتقن عمله ويسعى بكل ما أوتي للنجاح فيه محبوب من الله عز وجل ورسوله ومن الناس فلقد حث الإسلام على الإتقان وجعله من الأساسيات في الدين فإتقان العمل قيمة وسبب للنجاح لقوله ﷺ ( إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ).
والنجاح يحتاج لأن يكون الشخص طموحاً لأن “الطموح” صفة من صفات الناجحين الذين يتربعون على رأس القمة وهو يولّد في الإنسان مشاعر الإنجاز والإتقان والإبداع والعزم ويدعوه للنجاح ويجعله مشغولًا دومًا في تحسين قدراته وتحقيق الأفضل واكتساب مهارات جديدة .
ويصدق في ذلك قول الشاعر المتنبي :
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ
وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وطرق النجاح كثيرة فإذا سعيت لبعضها فلا تكتفي بما وصلت وأحرص بأن تسلك البعض الآخر ولذلك نجد في هدي النبي ﷺ مايؤكد ذلك في دعائه كما ثبت في حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال : ( اللهمَّ إنِّي أَسأَلُك خَيْرَ المسألَة وخَيْرَ الدُّعاء وَخَيْرَ النَّجاح ) .
واعمد ان تبحث عن دروب أخرى لم يسبقك إليها أحد حتى تكون ناجحاً ومبدعاً على حد قول الشاعر :
إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ
فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ
فيجب على الإنسان أن يكون واثقًا في نجاحه وفي قدراته وإمكاناته التي يسرها الله تعالى له.
وإن من أبرز نماذج الناجحين الذين يجب نقتدي بهم إمام الناجحين وهو نبينا محمد ﷺ فكانت أول خطواته في طريق النجاح وأداء رسالته ( إقرأ ) فقد انطلق ﷺ يحمل مشروعاً وقضية وحمل مشعل الهداية وطارد به الجاهلية حتى أوردها النعيم .
وهنا نجد الإمام ابن الجوزي رحمه الله حيث عاش يكرّس فكرة النجاح التي يصنعها الإنسان بدون معين وهتف بها قائلاً ( ينبغي للعاقل أن ينتهي إلى غاية ما يمكنه، فلو كان يُتصور للآدمي صعود السماوات لرأيت من أقبح النقائص رضاه بالأرض ) .
فالإنسان الناجح هو الذي يجعل أمامه هدفًا عاليًا، حتى لو كانت قدراته لا تؤهله لذلك الآن؛ لأنه سوف يحرص على تنمية قدراته للوصول إلى هدفه، فإذا نمت القدرات فإنه لن يبقى عند هدفه الأول، بل سوف تنمو طموحاته وتزداد، وما أجمل قول شيخ الإسلام ابن تيمية: “العامة تقول: قيمة كل امرئ ما يُحسن، والخاصة تقول: قيمة كل امرئ ما يطلب”.
ومَن يتهيَّب صعودَ الجبالِ
يعش أبد الدهر بين الحُفَر
فيجب مصاحبة الناجحين والمتميزين فإن صحبتهم شعلة حية تشعل في نفسك الإصرار والجدية والتميز والنجاح وصدق الشاعر حين قال:
إذا أردت تقدماً و نجاحا
فاملأ العمر همَّةً و كفاحــــا
في حياة يشقى بها كل حي
و زمانٍ يُرى الفسادُ صلاحا
و هموم تهب من كل صوب
و مآسٍ قد أثخنتنا جِراحــــا
فاركب الصعب كي تفوز بنجحٍ
إن في نيلك النجاح فلاحـا
واتخذ للنجاح كل سبيلٍ
والبَس الجِدَ يا أُخَيَّ وِشاحا
ما يبالي الهمام أين ترقّى؟
أو أتى الصعب غدوةً و رواحا
واضح العزم واثقاتٍ خُطاه
يجعلُ الليل للأنام صباحا
هكذا تُدرِك النفوسُ مُناها
و ترى سبل الحياة فساحا
فابذل الجهد و استحِثّ المطايا
إن صنع النجاح ليس مِزاحا
ليس من يغمر البلاد بزيفٍ
مثل من يعمر البلاد نجاحا
إن فرحة النجاح والوصول إليه تنسي تعب الطريق.
والدافع القوي لمن يرغب في النجاح هو الإيمان بالله والعزيمة الصادقة فهما السببان في الوصول للقمة لجميع الناجحين.
للأسف
أحياناً نستجلب الأعداء بالنجاح وليس بالفشل !
فهل نترك النجاح من أجل الأعداء الفاشلين !
مقال ممتع ومحفز للسعي في طريق النجاح.