بقلم: عبدالمحسن عسيري
أحدَهم حَفَر بئراً في قريةٍ ما ، ليستفيد منها أهلها و يشربون و يستقون ، و في الأيام الأولى كان الناس يدعون له و يشكرون صنيعه ، و بعد أيام أخرى بدأ الناس بالدعاء عليه و سرد الشتائم و بثّ الاتهامات عنه بالظلم ؛ لأن البئر كانت مسمومة و المياه ملوّثة ، و قد سببت الأمراض للناس و كاد البعض أن يموت
لم يكن يعلم هذا الرجل ما الذي حدث و يحدث
لكنها أيادي الشر و اللؤم هي مَن وضعت السّـُمّ و أفسدت ذلك الخير و حوّلته إلى مصدراً للشر و سبباً للباطل ، و شوّهت سمعة الرجل ( فاعل الخير )، الذي لم تكن نيته إلا الخير .
و لكن أهل القرية للأسف كانوا يحكمون من الظاهر و لم يبحثوا في المشكلة أو يثقوا في نيّة الرجل
القصة ليست حقيقية لكنني أحسب أنك ستفهم ما أقصده
في ( قصة البئر و النّية و السّمّ ) كما في الإنترنت :
و يشبه تماماً ما يحدث في مواقع التواصل
عندما يفتح أحدهم مجموعةً في الواتسآب لنشر الخير و الفائدة يأتي أحد حاملي فيروسات الرذيلة و ينشر فيها القبائح و الفضائح و المساوئ و الخرافات و الغريب أن هذا المسيء ينجو و لا يتحمل اللوم إلا ذلك المسكين الذي أنشأ المجموعة فلا ترى إلا سيل الانتقادات و فؤوس الشتائم تهوي على رأسه
و الوعي هنا :
لا تخلطوا بين ( صاحب النية الحسنة و صاحب الرسائل السيئة ).
أهل الفسوق لم يتركوا لنا مصدراً خيرياً إلا و دنّسوه و كلما أراد شبابنا نشر الوعي عبر الإنترنت إلا و جاء الذباب الإلكتروني حاملاً معه قاذروات الأفكار و غبار الشائعات و طنين الخرافات ليشوّه المبادئ و النوايا ويسمّمّ المنابع الصافية
فأنّى للوعي المنشود أن يكتمل و قد كثروا أصحاب السموم الذين غايتهم تلويث ما تبقى من الآبار العذبة
وفي النهاية:
إن تُجّار الزَّيف ودُعاة الإفك يَقْتاتون على جَهل الناس فنحن بحاجة إلى إلقاء عصا الوَعي لكي تلْقَف ما يأفكون