صحيفة عسير _ واس
تواصل أرامكو السعودية جهودها لتوفير إمدادات موثوقة من الطاقة، والمحافظة في الوقت نفسه على مكانتها الرائدة بين شركات الطاقة الأقل كثافة من حيث الانبعاثات الكربونية المصاحبة لإنتاج المواد الهيدروكربونية.
وتسعى أرامكو إلى خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري الواقعة ضمن النطاقين (1 و2) من قطاعي التنقيب والإنتاج والتكرير والكيميائيات والتسويق بواقع 52 مليون طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون من الانبعاثات المتوقعة الناجمة عن أعمال الشركة الاعتيادية بحلول عام 2035, كما تطمح للوصول إلى الحياد الصفري لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري للنطاقين (1 و2) للموجودات التي تملكها وتديرها بالكامل بحلول عام 2050.
وخلال عام 2022، أحرزت الشركة تقدمًا نحو تحقيق طموحاتها على مستوى محاور الأساس الخمس، الهادفة لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري لعامي 2035 و2050، وأول هذه المحاور هو كفاءة استهلاك الطاقة لتجنب انبعاث 11 مليون طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وثانيًا خفض انبعاثات الميثان، وحرق الغاز في الشعلات مما يتيح تخفيض 1 مليون طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
ويتمثل المحور الثالث في زيادة مصادر الطاقة المتجددة لتحقيق خفض بواقع 14 مليون طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، ويتضمن المحور الرابع استخلاص الكربون وتخزينه بواقع 11 مليون طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، فيما يختص بالمحور الخامس المتعلق باتخاذ إجراءات تعويضية لأي انبعاثات لا يمكن خفضها أو استخلاصها، تهدف الشركة إلى خفضٍ بمعدل 16 مليون طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
ولا تزال كثافة الانبعاثات الكربونية الناتجة عن قطاع التنقيب والإنتاج في الشركة لعام 2022 من بين الأدنى في قطاع الطاقة، إذ بلغت 10.3 كيلو غرامات من مكافئ ثاني أكسيد الكربون/ برميل مكافئ نفطي, فيما تطمح الشركة إلى وضع هدف يتمثل في زيادة خفض كثافة الانبعاثات الكربونية الناتجة عن قطاع التنقيب والإنتاج بنسبة 15% بحلول عام 2035.
وانطلاقًا من ذلك، جاءت مشاركة أرامكو السعودية في أكبر مزاد لائتمان الكربون – عُقد في العاصمة الكينية نيروبي منتصف يونيو الماضي – كفرصة متميّزة تجسّد التزام الشركة ببناء شراكات محلية وإقليمية ودولية لتعزيز الاستثمارات واسعة النطاق في هذا المجال بما يُسهم في تمكين صناعة تحوّل مستدام وشامل للطاقة يلبّي احتياجات العالم من الطاقة مع انبعاثات أقل، وتكلفة معقولة.
وتلعب تعويضات الكربون التي تمثل المحور الخامس من المحاور الأساسية التي وضعتها أرامكو السعودية دورًا إضافيًا مهمًا سيساعد في بناء الطريق لوصول الشركة لمستهدفاتها.
ويشير مصطلح تعويض الكربون إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أو انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري للتعويض عن الانبعاثات الناتجة في أماكن أخرى، ورصيد الكربون هو شهادة قابلة للتداول في أسواق الكربون تمثل هذا التخفيض، وقد تأخذ أسماءً بديلة مثل البدل، أو التصريح، أو وحدة الخفض.
وتسعى أرامكو السعودية إلى امتلاك أرصدة الكربون من خلال الاضطلاع بمشاريع تهدف إلى خفض الغازات المسببة للاحتباس الحراري, حيث يمثّل استخدام التعويضات جزءًا مهمًا من طموح الشركة لتحقيق الحياد الصفري للانبعاثات، لأنها تساعد على التعويض عن آثار الانبعاثات، وتسريع إجراءات خفض تلك الانبعاثات، لا سيما عندما تكون البدائل جاهزة بشكل تام للاستخدام، مثل تقنية استخلاص ثاني أكسيد الكربون وتخزينه.
وقد تشمل عمليات خفض الانبعاثات الكربونية مجموعة متنوعة من التقنيات، مثل حلول المناخ الطبيعي أو حلول إزالة الكربون هندسيًا.
وتتنوّع الترتيبات التجارية من مشاريع قائمة بذاتها ومشاريع مشتركة حاصلة على تمويلات مباشرة، إلى الاستثمارات في الصناديق وآليات التمويل المستدام في شكل أرصدة الكربون وشراء تعويضات الكربون مباشرةً من سوق الكربون الطوعية.
وتهدف أرامكو إلى تنويع محفظة تعويضات الكربون القابلة للاستخدام، وفي هذا الصدد قامت الشركة باستخدام حلول مناخية طبيعية للمحافظة على التنوع الحيوي واستعادته، وتحسين إدارة الأراضي التي تؤدي جميعها إلى زيادة تخزين الكربون أو الخفض من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في المناطق الطبيعية والأراضي الرطبة في المملكة وجميع أنحاء العالم.
كما تهدف للاستثمار في زراعة 31 مليون شجرة مانغروف في المملكة بحلول عام 2025، و300 مليون في المملكة بحلول عام 2035، بالتزامن مع زراعة 350 مليون شجرة مانغروف إضافية خارج المملكة, وحتى الآن غرست أرامكو السعودية 24 مليون شجرة مانغروف على طول سواحل الخليج العربي والبحر الأحمر، وأجرت جهة خارجية تقييمًا استخدمت فيه منهجية مبادرة الكربون الأزرق لقياس المستويات التراكمية للكربون المحتجز بواسطة أشجار المانغروف التي زرعتها الشركة على طول ساحلي المملكة على مدى عقود.
وأشارت نتائج التقييم إلى أن متوسط المخزون يبلغ حوالي 340 ألف طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون, وكركيزة أساس في تنويع محفظة تعويضات الكربون، تقوم أرامكو بشراء أرصدة الكربون بمعايير محددة من سوق أرصدة الكربون الطوعي.
وتصدّرت أرامكو قائمة 16شركة إقليمية ودولية بشرائها عددًا كبيرًا من أرصدة ائتمان الكربون تماشيًا مع خطتها الإستراتيجية في أكبر مزاد عُقد في العاصمة الكينية نيروبي لبيع 2.2 مليون طن من أرصدة ائتمان الكربون, وهي ليست المرة الأولى التي تشارك فيها أرامكو السعودية في حدث مماثل, ففي عام 2022، وقعت أرامكو السعودية مذكرة تفاهم مع صندوق الاستثمارات العامة في المملكة لدعم إنشاء سوق كربون طوعية إقليمية في الرياض، وشاركت في المزاد الافتتاحي، حيث تم بيع أرصدة كربونية بلغت 1.4 مليون طن، اشترت أرامكو السعودية منها 650,000 طن.
وجرى تأسيس شركة “سوق الكربون الطوعي الإقليمية “بواسطة صندوق الاستثمارات العامة، بالشراكة مع مجموعة تداول السعودية القابضة؛ بهدف توفير التوجيهات والموارد اللازمة لدعم قطاعات الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومساعدتها على تأدية دورها في جهود التحول العالمي إلى الحياد الصفري, وتأمل أرامكو السعودية من خلال المشاركة في السوق الطوعية ومزادات الكربون للتخطيط للاستثمار في تقنيات جديدة ومبتكرة لديها القدرة على تقليل الانبعاثات الناتجة عن غازات الاحتباس الحراري، وفي الوقت ذاته تشجيع تلك التقنيات لجعلها مُجدية اقتصاديًا.
وتتماشى مشاركة أرامكو في سوق الكربون الطوعية والمزادات الشبيهة مع جهودها للمساعدة في تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة وتقليل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والحد منه في ذات الوقت. وبينما تعمل هذه المزادات على تسهيل تطوير مشاريع موازنة الكربون التي تدعم أيضًا تطوير سوق ائتمان كربوني فعال وذي مصداقية في المملكة، فإن مشاركة أرامكو السعودية في هذه السوق تعزّز إستراتيجيتها طويلة المدى.
وتتكامل المشاركة في مزادات الكربون أيضًا مع أهداف تأسيس صندوق أرامكو السعودية للاستدامة الذي أُطلق في أكتوبر 2022 بقيمة 5.6 مليارات ريال سعودي (1.5 مليار دولار أمريكي) للاستثمار في التقنية التي يمكن أن تدعم تحولًا مستقرًا للطاقة.
ويخطط الصندوق للاستثمار في التقنيات التي تدعم طموح الشركة المُعلن بالوصول إلى الحياد الصفري، بالإضافة إلى تطوير أنواع وقود جديدة منخفضة الكربون.
كما وقعت أرامكو السعودية اتفاقية تطوير مشتركة مع وزارة الطاقة لإنشاء أحد أكبر مراكز احتجاز الكربون وتخزينه، المخطط لها على مستوى العالم في المملكة بمدينة الجبيل، بسعة تخزين تصل إلى 9 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا بحلول عام 2027.