متى تكون مـلِك؟

بقلم : إبراهيم العسكري

بعد خطبة الامس الجمعة الموافق ١٤٤٥/٢/٣٠هـ بجامع التقوى حي الخالدية بابها شعرت انني مَلِك بكل ما تعني هذه الكلمة من معان .

بدأ خطيبنا بالحمد والثناء للخالق الباري الذي لا تعد ولاتحصى فضائله على جميع خلقه ثم عرج على ما يحمله المخلوق من خفايا اودعها الخالق في جسد المخلوق بكل اتقان وتوازن ومقدار واقتدار يعجز المخلوق ان يستوعب تلك التحركات في سائر الجسد فتبارك الله احسن الخالقين .

ذكرنا الخطيب بما قد نغفل منه من قدرة الخالق وتحمله كل اجزاء في اجسامنا مما ننعم ببرمجتها دون ان نشعر انها لا تتوقف ولو في جزء من الثانية.!

نحن بني البشر قد نغفل عن هذه النعم والودائع في انفسنا اهمها نعمة العقل والصحة والعافية والايمان والأمن والأمان فحينما نصحو وننام ثم نقوم ونعمل بخير وعافية وحوالينا النعم التي لا يمكن حصرها باي حال من الاحوال وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها.!

حدثنا الخطيب بحال من فقد بصره في سن متاخر وحاول بكل ما يملك ان يعيد نعمة البصر التي افتقدها ولا زال بحاجتها فلم يكن يحسب حساب محاسنها حينما كان يملكها ويتمتع بها على مدى عقود من الزمن الا بعد فقدها شعر ان البصر كان مسؤلا..!

حدثنا عن آخر فقد السمع فاصبح يجول العالم للبحث عن علاج فهو يريد ان يسمع ويتحدث طواعية كسائر الخلق .!

حدثنا عمن فقد احد الاطراف فاصبح مشلول الحركة بما يعيق العيش في تحركاته كالاسوياء.!

حدثنا عن ذلك الرجل الذي فاجأه المرض فاستدعى مراجعة المستشفى القريب منه واثبتت الفحوصات انه يعاني من اورام في الرأس يصعب علاجها لتدخلها في شرايين الرأس مما اضطره للذهاب لاكثر من مستشفى كان آخرها التخصصي بالرياض الذي اثبت وجود تلك الاورام وافاد الاطباء عجز الطب عن التدخل لازالتها لحساسية المكان وفي حالة التدخل الطبي فان موقعها يؤدي حتمآ للوفاة.!

فرجع منكسر الخاطر وهِن الحراك حزين القلب لانه لا يريد الموت فلا زالت الاماني كثيرة والحياة في نظره جميلة والغياب موحش وربما الزاد لا يكفي لمحطة الرحيل المر .!

عاد المريض من مستشفى التخصصي للمطار متوجهآ لوجهته الاولى بمنطقته في الجنوب قبل مداهمة ملك الموت وفضل ان يموت بين اهله وذويه بديرته ببلاد بلسمر الجنوب..!

يصف المريض موقفة الذي يحمل كل الاحزان والآهات وهو يصعد الطائره ويستشعر انه في خطوات معدودة وايام تخطوا نحو التنازل بعجل فيرى من حوله من الركاب احدهم يضحك وآخر يمزح وآخر فرح برحلته لزيارة الأهل والخلان وهو يقول في خاطرة كلهم لا يرون ما اعاني بداخلي ولا ما احمل من هم الفراق للحياة والاهل والخلان والديار .!

يقول صوتي المبحوح يريد ارسال رسائل المودع بنصح الراحل المحب فاقول لهم هذا انا يا اخوتي

فاعتبروا يا اولي الأبصار

فاعتبروا يا أولي الألباب لعلكم ترحمون

فاعتبروا يا اولي الألباب لعلكم تتقون .

اراهم يتحدثون بما لا اهوى فلا يعنيهم من انا ومن اكون .

كل منهم في شأن فمخططاتهم وآمالهم بعيدة لم تكتمل وامانيهم اطول وابعد.!

وصل المريض لداره واهله والحزن يكتنف سائر الجسد فأستغل وقته للعبادة والخشوع والدعاء وبقي بين البيت والاهل والمسجد المجاور لا يمل ولا يكل من طلب الحي القيوم يقول في سجوده يارب عبدك الضعيف يناجيك ويطلبك الشفاء والمهلة فان عجز الطب والطبيب فأنت ربي وربهم لا يعجزك شيئآ في الارض ولا في السماء وبيدك الأمر من قبل ومن بعد.!

يقول المريض امهله الله وحل شهر الخير والبركات شهر رمضان فاستغل الوقت للطاعة ورجاء الرحمن ثم اتى العيد بعيدين عيد المسلمين وعيد الرضى بما قسم ربي وشاء فالموت امر محتوم تعجل ام تأجل .!

بعد انقضاء ايام العيد عاود المريض مستشفى التخصصي بالرياض لحضور موعده المحدد مع المختصين في التخصصي بالعاصمة فحضر المريض واستدعوا ملفه وكرروا الاشعاع والتحاليل لمعرفة انتشار الاورام فلم يقتنع الاستشاري بما يرى من اختفاء الاورام حتى كرر الفحص مرارآ ليعلم ان من انزل الداء قد اخفاه (بكن) المأمورة بالدواء المقترن ربما بالدعاء المرفوع من المضطر للمجيب .!

سبحان الله العظيم شخصيآ شعرت انني ملك بين ملوك اهل الدنيا ننعم بفضل الله ورعايته في هذا الجامع فقد اتينا الله هناء طائعين عابدين ساجدين حامدين شاكرين انعم الخلاق ذو القوة المتين القائل جل جلاله ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي

شاهد أيضاً

الطبقية بين القبول والرفض

بقلم الكاتبة :صباح الأشرم أقامت فلسفة الإسلام الحياة الإجتماعية على أساس التفاوت بين الناس ، …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com