لا ينكر منصف ما قدمته الأندية الأدبية على مدى فترتها الماضية ، على مستوى النشر للمجلات والكتب – وإن كان توزيعها لازال تحت المأمول وإن اندفع بدور النشر المشتركة – أو كان على مستوى الأنشطة المنبرية مع تباين مستواها وتفاوت الحضور لها ، أو كان ذلك من خلال ملتقياتها الثقافية.
وباتت الأندية الأدبية الآن مثقلة بأحمالها وآثارها وكأن في كل ناد نائحة . ولا تكاد تجد ناديًا على وفاق مع أعضائه ويسير دون معوقات ، قد يكون بعضها ثقافيًا وقد يكون الآخر شخصيًا وهذا على مستوى رقعة الوطن ، مما أعاق من أنشطة الأندية الأدبية خلال العامين الماضيين وإن شئت فقل من بعد الانتخابات وما صاحبها من خلل، مما يشي بمشكلات واضحة في آلية الانتخاب لا تحتاج لكثير أدلة في إيضاحها.
والأندية في رأيي تحتاج لخطة إنقاذ تضمن لها إما حياة ناشطة تقدم عملًا ثقافيًا لائقًا، وإما مماتًا يحفظ لها ما كان لها من تاريخ. وفي إطار الحياة يجب أن تسعي الأندية لخلق بدائل تنشط العمل الثقافي في ظل ما أفاءت به الدولة على خزائن الأندية الأدبية من ملايين تستحق مقابلًا. وأقترح هنا ما يلي:
أولًا: ضرورة وضع خطة صرف مالي ملزمة من إدارة الأندية الأدبية وفق استراتيجية بناء خمسية أو عشرية، بحيث توجه ميزانيات الأندية إلى بنود صرف ثابتة وواضحة – بعد أن تأكد للجميع أنها ليست مؤسسات مدنية في ظل عدم وجود دعم المؤسسات المدنية لها وتولي الدولة دعم ميزانيتها بالملايين – وأهم وجوه الصرف في رأيي لكل الأندية إنشاء مبان ثابتة للأندية ودعم لجان المحافظات، ودعم نشر وتوزيع الكتاب، إضافة لدعم الفعاليات الثقافية المميزة في الأندية، ومشروعات مشجعة للمبدع الشاب، وبند الاستثمار لصالح العمل الثقافي بشراء ما يعود ريعه على الأندية في مستقبلها.
ثانيًا: تشجيع التواصل الثقافي بين الأندية الأدبية ورموز الفكر والأدب في العالم، وتيسير الوصول لهم سواء بتيسير الحضور المواجه أو عن طريق دوائر التقنية التي تعزز التواصل الثقافي مع رموز الفكر والثقافة في العالم العربي والعالم بعامة، وإنشاء قاعات ذكية في كل ناد أدبي يمكنها تفعيل ذلك.
ثالثًا: تعزيز عودة المثقفين لبيتهم الثقافي من خلال إشراكهم في انتخابات نزيهة ومنحهم عضويات مجانية ، ودعم مشاركاتهم المنبرية ، ومنح عضويات حافزة تمنحهم تخفيضات في المستشفيات والمنافذ الخدمية المهمة . ودعم صندوق الأديب ، ووضع ضمانات داعمة للمثقف بشراء كتبه ومكتبته عند الحاجة، إلى غير ذلك مما يمكن أن يعيد المثقف إلى ناديه الذي يعتبره خيارا يوفر له الأمان ويشجعه على العمل الثقافي المميز .
عبدالرحمن المحسني>