بقلم / سميه محمد
يظل الإنسان محير في كل شيء ، و غامض في تصرفاته ، و في أحيان كثيرة غير منطقي في ردود أفعاله ، و من الصعب تفسير أفكاره التي تظهر في البداية أنها غير عقلانية ثم تكون ضرباً من المستحيل و بعد ذلك نراها على أرض الواقع متفاجئين و غير متوقعين أنها أصبحت حقيقة بكل تفاصيلها ..
و يختلف الأهتمام بأمر من إنسان إلى آخر فهناك من يضع جل اهتمامه ، و هناك من يقدم الأهم فالمهم ، و هناك من لا يهتم بالأمور نهائياً لأن حياته تكون شبه فوضوية و غير منظمة ..
و على حسب مايتمسك به الإنسان من مبادئ و تعاليم يحترم القوانين و يضع الحدود و يحترم الكل دون إستثناء ، و في المقابل تجد إنسان همه الوحيد نفسه بكل أنانية و تعجرف و يصل إلى مايريد بإستخدام طرق ملتوية وغير شرعية و لو تسبب في أذية أحد ..
إنسان يعتبر مفهوم الأمانة و العدل و الحقيقة خط مستقيم لايمكن أن يميل ، اما غيره فيكون غارق بمفهوم النسبية أي ما يكون خطأ لديك يكون صواب بالنسبة لي و ما يكون صواب لي يكون خطأ لك قاعده يكون فيها العكس صحيح كلما و افق مصلحته ..
خلق الله تعالى الإنسان من تراب و كرمه و فضله عن سائر المخلوقات بجمال خلقه و أبداع تصويره و عقله الراقي آية قدرته العظيمة و دليل على انه تعالى واحد لا شريك له تبارك أحسن الخالقين ..
و رغم ان الإنسان مخلوق من تراب تجد فيه رحمة ممزوجة بالحنان و العطف حتى ان امثاله من الناس عندما يعجبون به او بعمل صالح قام به يشبهونه بالملائكة ،
في الناحية الأخرى تجد إنسان من شدة اجرامه و تكبره و سطوته الظالمة يصفه الناس على أنه شيطان في صورة إنسان ..
و أجمل من تحدث عن الإنسان في خلقه و، وصفه ، و نفسه هو مااحتواه القرآن الكريم من أعجاز علمي حول كل شيء يخص الإنسان التي جعلت كل عالم يقوم بدراسة و اكتشاف ينبهر للمعلومات المؤكدة التي لا شك فيها و أكتفي بذكر مثلين عن الإنسان في القرآن :
الأول :
في سورة المؤمنون
آية( ١١ : ١٤ )
قال تعالى :
(( و لقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأنه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ))
مراحل خلق الإنسان السبعة ..
١. أصل الإنسان من سلالة من طين
٢. النطفة
٣. العلقة
٤. المضغة
٥. العظام
٦. الإكساء باللحم
٧. النشأة
معظم الدرسات و الأبحاث التي قام بها العلماء على كيفية خلق الإنسان نتائجها غير مكتملة مبعثرة في الاجزاء و متناثرة في صفحات تعبر عن إختلاف أراء العلماء و بعد التطور توصلوا للنتائج الموجودة في القرآن الكريم التي تتحدث أن الإنسان خلق عبر أطوار ومراحل سبعة و هي مكتملة لا يشوبها نقص أو عيب كتعبير عن الإعجاز العلمي الذي في القرآن و هو السابق فلم يسبقه احد في هذا التفسير دليلاً و أثبات أنه كلام الله الواحد الأحد الفرد الصمد له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ..
الثاني :
الشيب ..
الشعر يعتمد على نوعين من الميلانين إحداهما إذا وجد بكثافة كان الشعر مائل للغامق بني كان أو أسود او أحمر ، و لكل على حسب عرقه وعواملة و نسبة التصبغ التي تحدد اللون و من الممكن أن تتغير و بالتالي يتغير اللون و يتلون الشعر باللون الأبيض و تختفي الصبغة و من الممكن ان يحدث في سن صغير أو كبير ..
و من المعروف في علوم الطب ان يتغير لون الشعر إلى البياض مع تقدم العمر هو شيء ثابت لجميع أنواع الشعر ، أنما يعود تناقص مادة الملانين و هي المادة المسؤولة عن صبغ الشعر و الجلد و لم يعرف العلماء لماذا يصبح الشعر أبيض مع تقدم السن ؟!
و بعد الدراسات اكتشفت أن المادة الكيميائية ماء الأوكسجين
( هيدروجين بروكسيد )
تزداد مع تقدم العمر فلا يستطيع الجسم تفتيت الكمية الكبيرة إلى المكونات الأساسية مايؤثر سلباً على الجسم و تكوين الاصباغ ،
نتيجة لذلك يقوم الهيدروجين بروكسيد بهدرجة جزء من مادة ( تروسينا ) فلا تقوم هذه الأخيرة بإنتاج الصبغة للميلانين و هو مايتسبب في بياض الشعر فالأكسدة و الاحتراق شيء واحد و هو السبب في الشيب و هو ماتطابق مع وصف القرآن المعجز ..
في سورة مريم
آية ( ٣ : ٤ )
قال تعالى :
(( قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا )) ..
تمر السنوات و تزيد الاكتشفات حول الإنسان ولكن تظل هناك اشياء مبهمة و غير واضحة خاصة أنه يتغير و يتطور و يتبدل و الأمر الأغرب فيه أنه قد يجتمع الشيء فيه و ضده فقد تجتمع فيه السعادة و الحزن في وقت واحد ، قد يكون فقيراً من الناحية المادية و لكنه يكون غنياً من ناحية قناعاته و مبادئه و أخلاقه فهو مستعد ان يخسر كل شيء إلا نفسه التي تحتوي الكرامة و العزة ، و قد يضحي بنفسه و يسوقها للموت راضياً في سبيل الدفاع عن دينه و أرضه و عرضه ،
و العجب العجب ان هذا الإنسان الضعيف قد يتحمل مالا تطيقه الجبال ولديه عزم يقاس بكل البحار حارب الجهل و تحدى الهم ، و قاتل اليأس وقهر الحزن ، وأستخرج من السم المصل و الترياق و قاوم أعاصير الحقد و الغيرة ببسمة صغيرة يرسمها على شفتيه تخرج من القلب ،
كسر الكسل و عاند التواكل ، و زرع الأمل و أشعل نور العلم الذي نشره في كل مكان و زمن ولم يقف هذا الإنسان عند حد ولن يقف لأنه سيظل يواصل مسيرته دون كلل أو ملل
و كل مافيه و كل ماينادي به ماهو إلا آية من آيات الله العظيمة التي تدل على قدرته و التي يتأملها الجميع بأعجاب و تمعن فالحمدلله حمداً كثيراً على نعمة الإسلام .