بقلم / سميه محمد
تعتبر القطط في الإسلام من الحيونات الأليفة المحبوبة التي يقوم البعض بتربيتها في منازلهم وهي حيونات طاهرة وليست بنجسة ،
وقد وردت أحاديث كثيرة على طهارتها وجواز اقتنائها و تربيتها،
وقد عرف عن الرسول صلى الله عليه وسلم حبه للقطط و انه كان شديد الرحمة و الرفق بهم و كان يطلق عليهم بالطوافين و الطوافات ..
عن أبي قتادة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهرة :
( أنها ليست بنجس ، أنها من الطوافين و الطوافات عليكم )
الطوافين و الطوافات : أي الذكور و الإناث
والطوافين :جمع طواف
قال أبن الأثير :
الطواف : هو الخادم الذي يخدمك برفق و عناية لأنه يقوم بتنظيف البيت من الحشرات والقوارض كالفئران كذلك يقوم بالطوفان حول البيت و حراسته و يستمتع بأعطائه مما تبقى من طعام أصحاب البيت ،
وتعني الطوافين و الطوفات :
بمعنى آخر الداخلين و الداخلات ..
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مدينة يطلق عليها بطحان
فقال لأنس :
أسكب لي وضوء
قال أنس :
سكبت له ماء فجاء هر فشرب من الماء
ولقد أنتظر الرسول صلى الله عليه وسلم حتى شرب الهر
بعدها قام بالوضوء منه
ثم قال أنس :
يارسول الله لقد شرب الهر من هذا الماء
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( يا أنس أن الهر من متاع البيت لا يقذر شيء و لا ينجسه ) ..
كان الرسول صلى الله عليه وسلم جالس في أحد المجالس فجائت قطه و نامت على كمه فلم يرد الرسول صلى الله عليه وسلم ان يجعلها تستيقظ من نومها فقام بقطع كمه لأن من عطفه على جميع المخلوقات أنه لايستطيع قطع نومها وهي غارقة فيه ..
كان الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يذهب إلى زوجته عائشة رضي الله عنها و تفتح له الباب يقول لها صلى الله عليه وسلم :
أنتظري حتى يدخل الطواف
فيدخل قط اعتاد أنتظار الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يدخل بيته فيدخل ورائه ويطوف في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم يأكل مما في البيت ..
كان الرسول صلى الله عليه وسلم جالساً في المسجد فدخل عبدالرحمن بن صخر الدوسي يحمل هرة يداعبها و يلاعبها فعندما جاء وقت الصلاة أخفاها في كمه حتى يستطيع الصلاة و هو مطمئن عليها فأطلق عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي هريرة و غلب اللقب على الأسم الحقيقي وهو من اكثر رواة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو من قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم :
أدعوا الله أن يحبني الناس و يحبوا أمي
فدعا له الرسول صلى الله عليه وسلم ولايوجد أحد في العالم كله حتى الآن إلا يعرف و يحب
الصحابي أبو هريرة ..
بينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير مع الجيش لغزوة أحد رأى في الطريق قطة حبشية ترضع صغارها فأمر بتغير مسار الجيش حتى
لا تفزع القطة وصغارها بل وضع حارساً يحرسها لحين عودتهم ،
في طريق عودته صلى الله عليه وسلم مع الجيش أخذها إلى المدينة ليعتني بها نالت هذه القطة شرف أن تكون قطة الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته و قد أطلق عليها أسم ( معزة )
كانت قطة ضالة فأنقذها الرسول صلى الله عليه وسلم من صحاري مكة الحارقة ..
هناك العديد من القطط الضالة في هذا العالم تحاول أن تعيش و تتمسك بالحياة رغم أنها ترى الموت في كل وقت و قد يكون الموت بهدوء هو الأفضل لبعضها فأنها تواجه خطر الجوع و العطش والمرض ، وتقلبات الجو من حرصيف حارق ثم برد شتاء قارص ، والمشاجرات الدامية فيما بينها ، و الأشد من هذا و ذاك و قوعهم فريسة في قبضة بعض البشر التي لارحمة لهم و لا ذمة و تصور مالذي سيحدث لهم من تعذيب بلا شفقة و لا رافة ،
رميهم في اماكن بعيدة كالصحاري و الوديان وهم لا يستطيعون التكيف في مثل هذه الأماكن ، وحتى لو كان قط أشتراه شخص من محل و هو يعيش طيلة حياته في قفص اكله و شربه يعطى في مواعيده و بعد الشراء يقوم الشخص باللعب معه كالدمية و يعطيه لأطفاله دون حتى أن يطعمه و بعد مايمل منه يرميه في الشارع حتماً هذا القط سيموت لأنه أعتاد على نمط معين فإن فقده فقد هذا القط حياته ، أضافة إلى وضع السم لهم في الطعام و الشراب ، قذفهم بالحجارة وملاحقتهم لتخويفهم و ضربهم من غير سبب ، و لو نتحدث كثيراً عن الظلم و القسوة التي يتعرض لها القطط لن ننتهي ..
وقد اطلق على القط بالملاك الحارس فقد حكى رجل انه في أحد الأيام كان جالساً على كرسي خشبي في مزرعته ، و فجأه هجم قطه عليه فأستغرب مالذي جرى له ثم أخذ بكل قوته يقفز علي حتى وقعت ومن شدة الوقعة أبتعدت عن المكان الذي كنت فيه بقليل فقمت غاضبا من قطي أريد معاقبته ، فرئيته كأنه يتشاجر مع أحد ثم لاحظت أنه ممسك بثعبان وأن من كان يتشاجر معه هو الثعبان نفسه ، ظل على هذه الحالة معه حتى قضى القط على الثعبان ، ادركت بعدها ان القط كان يحاول أبعادي عن مكان الخطر ثم تصرف بالدفاع عني بمشاجرته مع الثعبان و القضاء عليه فكان كالملاك الحارس لي ..
من حكايات القطط ان زوجة و زوج سكنوا بيت جديد قامت الزوجة بتفقد البيت فوجدت في الطابق الثالث قطة لتوها انجبت اربعة من الصغار فتقززت منها فأخذتهم بلا شفقة جميعهم و رمتهم من الطابق الثالث طبعاً الصغار ماتوا فلم يتحملوا أما الأم عاشت بعد الوقعة أخذت تحاول أن تجد أحياء من اولادها دون جدى فمشت بحسرتها ، بعد ذلك حملت الزوجة ولكنها أجهضت في الشهر الثامن وهكذا ظلت تحمل و تجهض حتى مات ستة من اطفالها و هم في رحمها ، بعد اجهاضها السادس حلمت بالقطة التي رمتها مع اولادها وهي تقول :
لقد دعوت الله عليك أن يحرمك من أولادك مثل ماحرمتني من أولادي ،
فاستيقظت مرعوبه و عندما ذهبت لمفسر أحلام و قصت عليه الحلم ،
قال لها المفسر :
ماذا فعلت بأولادها
فأخبرته بما حدث و طلبت منه المساعدة
فقال لها :
لا استطيع أن أفعل شيء انت اخطأت في حقها ولا بد لك من أن تدفعي ثمن قتل أرواح بريئة لاذنب لهم ، مايضيرك لو وضعتيهم خارج البيت مع امهم في مكان بعيد ، اكان يجب أن تقتليهم بكل هذه الوحشية ، المساعدة الوحيدة التي استطيع ان اقدمها لك هي نصيحتي لك أن تستغفرين و تطلبين التوبة و تتصدقين كل ماواتتك الفرصة ،
فاخذت الزوجة تبكي بحرقة و هي تتذكر القطة عندما كانت تحاول أن تجد أحياء من اولادها وهي مفجوعة و مكسورة ..
القطط جميلة و بهجة في المكان التي هي فيه و كانت و لا زالت مصدر إلهام للرسامين فقد إستخدم القط كموديل في الرسم و النحت بعد العصور الوسطى فقد رسم ليوناردو دافنشي لوحة( العذراء و القطة).
كما ان جان أنطوان واتو خلد القطة في لوحته ( القطة المريضة ) .
ومن الرسامون العصريون إدوارد مانيه الذي أحب رسم القطط إعتاد مراقبتهم على الشارع من نافذة بعيدة في بيته .
المصمم و الفنان التجاري الفرنسي ألكسندر شتاينلن أحب الضواحي و القطط ، و الذي أستضافها لدرجة أن بيته أصبح يعرف بزاوية القطط ، لأنه منح مأوى للعديد من القطط الضالة ، و قد أشتهرت القطط من ملصقات شتاينلن للدعاية للحليب و الشاي ، و الذي كان أول من خلد القطط في رسوم حية واقعية ..
في القرن التاسع عشر كتب المؤرخ الفرنسي هيبولت تاين هذا الحكم المنقوش في الحجر :
( لقد قابلت العديد من المفكرين و العديد من القطط ، لكن حكمة القطط هي الأسمى بلا حدود ) .
قال الشاعر الرومنطيقي الفرنسي ثيوفيل غوتيه :
( الأغنياء يحبون النمور ، و أنا أحب القطط التي هي نمور الفقراء ) .
وقال أيضا :
( لقد خلق الله القط ليهب الإنسان فرحة مداعبة النمر ) .
وقد أكد جان كوكتو تفضيله للقطط على الكلاب بقوله :
( لأنه لاوجود للقطط البوليسية ) .
بالنسبة للأمثال فهي عديدة ، لقد حددوا الصفات بقولهم :
حاد كالقط ، سريع الخاطر كالقط ، صامت كالقط ، حساس كالقط ، يرى في الظلام مثل القط ، و كن حراً مثل القط ..
ومن الأمثال المألوفة هي :
الفضول قتل القط .
جور القط ولا عدل الفأر .
وقع على قدميه كالقطة ( خرج من المصيبة بلا ضرر ) .
خذ الكستناء من النار بمخلب قط
( الشخص الذي يخاطر لحساب الآخرين ) ..
القط يتميز عن غيره بحواسه فيقال أن نظر القط هو أكثر حاسة لا قياسية لديه فكل عين باستطاعتها ان تطوق مجال رؤيابدرجة (٢٨٧)
درجة ، و التي تزداد بحركة الرأس وهو دائماً مستعد للدفاع عن نفسه ، من المحتمل أنه لا يستطيع التركيز جيداً على الأشياء القريبة لكن فيما وراء السبعة أقدام لاشيء يغيب عن نظره .
في ضوء النهار الرؤية عنده كاملة ، و كذلك في الليل عندما تساعده أنوار الشوارع البعيدة أو شعاع من نور القمر فأنه يستطيع أن يرى بوضوح تام ، لهذا السبب تتمدد حزقة العين (البؤبؤ) و أصغر جزء من الضوء الليلي يتم تكبيره داخل العين بمعدل أربعين إلى خمسين مرة .
ومع ان القط يستطيع ان يرى في الليل فان بؤبؤيه لا تستطيعان إدخال أشعة الشمس المباشرة ، يدافع القط عن نفسه ضدها عن طريق تعديل فتحة البؤبؤ التي يمكن تخفيظها إلى شق عمودي للرؤيا حاذفاً كمية من الضوء ، هذه الظاهرة يعرفها جيداً كل مالك قط .
و المتخلفون الجهلة المتشبثون بالخرفات و الوهم يتذرعون بهذه الظاهرة أنها دليل على ان القط مسكون من قبل الجن ، فهو من المستحيل أن يمشي على القرآن الكريم بقدميه ، كذلك تراه ينصت عند قرائة آيات القرآن اضافة إلى سكونه المريح عند سماعه آذان الصلوات ..
حاسة سمع القط حساس و تلقائي الى ماوراء الحد الأقصى الذي يمكن إدراكه بواسطة الأذن البشرية فيستطيع القط أن يلتقط خشخشة فأر عن بعد ويستطيع ان يعزل عنه الأصوات الأخرى التي تشوش عليه وهكذا فلدى القط القدرة الحادة الإختيارية على تحديد مكان الصوت الذي يكون فقط على بعد بضعة سنتمترات إلى متر واحد ..
كذلك حاسة الشم لدى القطط تتطور بطريقة لانهائية فلا تستطيع أي رائحة أن تهرب من القط فأنه ليس ضرورياً أن يرى القط طعامه لكي يقرر أكله بل يكفي بأن يشمه ، الكلب يأكل ملء فمه أي نوع طعام يقدم إليه مهما كان لكن القط يتفحص الطعام بروية حتى مع الأشتباه و الشك .
حاسة الشم لدى القطط خاصة و فريدة لدرجة أن عطر نبتات معينة قد يثير فيها أهتماماً حاداً ، و صحيح مايقال عن النعناع البري إن القطط تحب كثيراً العطر الخاص لهذا النبات وقد تم عزله كيميائياً ، و تستخدم هذه الرائحة على ألعاب القطط ..
ولا ننسى حاسة الذوق عند القطط فبراعم الذوق في اللسان تفضل المذاق المالح و الحامض اكثر من المذاق الحلو والمر وهو موضع خلاف فالكثير من القطط تحب أكل البسكويت ، و تستطيع القطط التعرف بسرعة إلى النكهات فالقط الذي عمره يوم واحد يستطيع التميز بين السائل المالح و العذب لكن على مر السنين تتضائل حده هذه الحاسة مثلما يحدث مع الإنسان و الحيونات الأخرى .
القط يمل من نفس الطعام و يفتش عن شيء آخر لكي يغير طعامه يطوف في البيت ، يتسلل إلى خارج البيت يصطاد حيوانات صغيرة أو طيور ، مع ذلك العديد من القطط يصبح مدمناً على ماركة واحدة من طعام القطط أو نوع من الطعام وبكل عناد يصر على عدم تناول شيء آخر .
عندما يكون مريضاً فأنه يتقبل الأدوية بامتعاض لكنه كثيراً مايفتش لنفسه في الحديقة عن الأعشاب الصحية التي يعرف بحكم الغريزة أنها ضرورية لشفائه ، أنه كثيراً مايقوم بدور البيطيري الخاص لنفسه وبالفعل لا يستطيع احد أن ينكر أنه على حق ..
يعتبر القط من فصيلة ( السنوريات) أي الأسود و النمور و الفهود و غيرها من الحيونات المتوحشة و المفترسة ولكن القط أحب الإنسان والعيش معه لذلك سيطر على كل غرائزه الوحشية باللعب و الصيد و تسلق الأشجار ، وفضل أن يكون تحت مسمى الحيوان الأليف و المستأنس والداجن رغم انه تميز باشياء كثيرة أثبتت الدرسات على صحتها فهو يشعر بحزن صاحبه و يحاول موساته بطرق شتى ، كذلك ينصح بعض الأطباء بتربية قط في البيت لأنه يكون كطاقة إيجابية فيه ، وقد أثبتت الدرسات أن ( الخرخرة ) الصوت الذي يصدره القط يساعد على الراحة النفسية لدى الإنسان بشكل جميل ومنعش ،
يتنبه القط لوقع الخطر و يحاول المساعدة قدر الإمكان ، القط حيوان حساس يستطيع ان يفرق بين الإنسان الذي يحبه و الذي يكرهه و الذي يخاف منه ،
من أجمل الأساطير عن القطط تلك التي تروى بين قبائل افريقية معينة .
( القط قرر أن يكون صديقاً فقط لأقوى المخلوقات الحية . ولما شاهد ارنباً برياً يهرب من ابن آوى ، أصبح صديقاً للأخير ، ليسخر منه عندما شاهده خائفاً من النمر ، و كان مطارداً من الأسد و لكن الأسد خائف من الفيل ، الذي قتل و أكل من قبل الإنسان . هنا اكتفى القط أخيراً لأنه وجد سيد المخلوقات الذي لا يستطيع أي مخلوق حي آخر ان يثبت أمامه ، فحول صداقته للإنسان ، راحا يصطادان معاً لأشهر عديدة ، وذات يوم عاد الإنسان إلى بيته و دخله تاركاً القط ينتظره في الخارج تحت الشمس .
فجأة ارتفع صوت غاضب داخل البيت ، وإذا بسيد المخلوقات يندفع إلى الخارج و هو شاحب و يرتعش ، يتبعه وابل من الأطباق و القدور ، هنا دفع الفضول القط ليرى ذلك الكائن القوي الذي أستطاع أن يسبب هذا الهروب المشين لقاهر كل المخلوقات الأخرى ،
دخل القط إلى البيت و شاهد إمرأة ،
و منذ ذلك الوقت ظل القط صديقاً وفياً للمرأة .