فشلة

بقلم الكاتبة/ سلافة سمباوه

انا فاشل/ة ، لقد فشلت ، لا استطيع ، مستحيل ، صعب ،

لم أجرب ، خائف/ة

كلمات اذا سمعتها من أحد يهتز مقامه عندي وتتصدع أرضه داخلي ..

كلمات علمت اولادي و بناتي بأن لا تقال لأننا نمتلك عقلاً وقوة ارادة، نستطيع ويجب أن نخطيء لنتعلم لايوجد في قاموسي شيء اسمه فشل .

الإنسان الذكي هو الذي يجد مخرجاً من أية مصيبة يقع فيها, والحكيم هو من لا يقع في المصيبة ”

هانس ريختر

“يجب أن تعيد صياغة أفكارك كي تستطيع الاستفادة من فشلك”

الكاردينال دي ريتس

لماذا معظمنا يُقرن الفشل بما هو سلبي في حياته, ويربطه بالخسائر والمصائب والآلام؟ بالرغم أن الواقع والحقيقة ليسا كذلك .

لماذا نسميه فشلاً ؟ هل يمكن أن يلبس ثوبٍ آخر يعطيه بريقاً ولمعاناً،

هل يمكن أن أحوله من ضيفٍ ثقيل مخيف إلى ضيفٍ غير لجوج أو مزعج ؟

هل يمكنني أن احوله إلى معلّم يعطينا دروساً في الحياة؟

يجب أن نميّز بين الفشل بمعناه المأساوي وبين الهزيمة المؤقتة، معظم الناس يعتبرون الهزيمة المؤقتة ” فشلاً ” أو ” سقوطاً ” في هاوية لا صعود منها, بينما هي ليست أكثر من خسارة مؤقتة لا بد أن تزول وتنمحي آثارها, وهي ليست إلا نعمة مستترة على من أصابته وحلّت به وعرف كيف يستفيد منها.

إن الهزيمة المؤقتة تدفعنا إلى نفض الغبار عن أنفسنا وإعادة توجيه قوانا في الاتجاه السليم.

إحدى صفات الإنسان الناجح أن قوته وإرادته تتضاعف كلما ازدادت العقبات والصعوبات في طريقه نحو تحقيق هدفه, أما شخصيته فسوف تتصلب وتقوى أكثر كلما اشتدت الرياح التي تعصف بها. وهنا تكمن فائدة الفشل الذي يخشاه الغالبية.

إن أي فشل أو هزيمة مؤقتة يحتويان على درسٍ مستقبلي رائع لَما استطعنا تعلمه لولا تعرضنا لهذا الفشل أو الهزيمة المؤقتة.

يعد الهزيمة أوالفشل بمثابة إشارة لم نعرف تحليلها، أو لغة لا نعرفها ولهذا فنحن نكررها باستمرار. ولو فهمنا ذلك وتعلمنا من أخطائنا السابقة لما كررنا الأخطاء واحدة تلو أخرى.

كثيرون يؤمنون أن الفشل أو الخسارة المؤقتة أمرٌ محتم في حياتنا ولا مناص منه, وأن قَدَرنا أن نتعرض للفشل والهزائم المؤقتة واحدة تلو أخرى, وأن على الإنسان أن يرضى بقدره وبما كتبه الله له، ويعتبر آخرون أن الفشل لعنة حلت بهم ولا خروج منه هؤلاء قيّدوا أنفسهم، ووضعوا حدوداً لقدراتهم وإمكانياتهم، يكفيهم مكان يأوون إليه, وكسرة خبزٍ يسدون رمقهم بها, ولباس يسترون به عريهم, ولا يحلمون بأكثر من ذلك.

لو عاد كل منا في مخيلته سنوات إلى الوراء لوجد أن الفشل كان أكبر مدرسة في حياته. دروس مهمة يتعلمها الإنسان الناجح بفضل الفشل والهزيمة.

أي إنسان وصل إلى القمة لا بد أنه أحسّ ذات يوم بالقهر والاحتقار والضعف أمام العالم الخارجي والوسط المحيط. لكن الناجح فقط هو الذي يتعلم الدروس المفيدة ويستخلص العِبر. بينما نجد مقابل ذلك الشخص الناجح تسعة وتسعين آخرين يقبعون في الفقر والبؤس ويهدرون وقتهم في خدمة ذلك الإنسان الناجح .

هل ذلك نوع من التوافق الضمني والتناغم بين الطرفين؟!

معظم الذين يعدّون أنفسهم فاشلين ليسوا كذلك لأن فشلهم هو من نوع الهزيمة المؤقتة. إنهم، وبمحض إرادتهم، وضعوا أنفسهم في قوالب جامدة من التفكير القاتل. أو التحليل المستمر ، او التبعية الفكرية ، أو حتى التعلم بدون تنفيذ ، او تكرار الخطاء بالاستناد الى مرجعيات قديمة أو عفى عليها الزمن أو لم تناسب الوضع الراهن والعصر الحالي ، أو تعودوا على الحشو ، او التصلب في الرأي تصل الى التوهم بأنهم على حق وهذا من القوانين الكونية والمسلمات ، قيدوا أنفسهم بقواعد ومفاهيم لكن لم ينزلوا الى الواقع بالاجراءات التي الت الى تنفيذ متهالك مهترئ ويعودون في نفس الدائرة يلقون الفشل في الاخرين ولكن الفشل الحقيقي هو فكره اصروا على بقائها في ركون الفوضى والغبار بهم محيط

لهذا لا تحكم على نفسك بالفشل أبداً وقبل أن تحكم على نفسك هذا الحكم القاسي قارن نفسك مع الآخرين الفاشلين حقاً وحقيقة, وسترى كم أنت محظوظ مقارنة مع كثيرين منهم.

ولنتذكر دائماً أن الإنسان القوي روحاً وجسداً قادر على انتشال نفسه بقوة تفكيره واستخدامه لقوة عقله.

أعندما لا يكون الإنسان قوياً وراسخاً في وقفته في القمة فإن أي خطأ بسيط قد يؤدي به إلى الهاوية. وهل هناك أصعب من السقوط المفاجئ من القمة؟

حينما يدرك الإنسان أن النجاح ليس بمقدار ما جمعه من ثروة ومالٍ فقط, وإنما هو عبارة عن مفاهيم أخرى أيضاً فإن وقفته في القمة ستكون أكثر ثباتاً واستقراراً.

الفقر والعوز أحد محفزات النجاح، وبرأي أن من لم يختبر الفقر خلال مسيرة حياته لا يعرف معنى السعادة وقيمة الثروة. الفقر وحده هو الذي يغني الإنسان بخبرة لا حدود لها, والشخص الحكيم والعاقل هو الذي يعبر هذه التجربة بسرعة وبدون أية خسائر، بل يكدس من خلالها الخبرة والتجربة التي توجه طريقه نحو قمة مستقرة لا تزحزها الصدمات.

وكما أن التعليم والشهادات الجامعية قد تكون وسيلة لكنها ليست ضرورية ليحقق الإنسان هدفه. الإنسان الناجح يمكنه أن يرتقي في سلم النجاح والثروة دون أية شهادات وبأقل رأسمالٍ, وسيتخطى جميع الصعوبات والعراقيل التي ستعترضه في مسيرته نحو النجاح فيما لو أنجز أي عملٍ يوكل إليه على أحسن ما يرام وبأحسن شكلٍ مهما كانت المكافأة المقدمة له لقاء ذلك, أو حتى دون انتظار أية مكافأة.

الإنسان الناجح يدرك ان الفشل إشارة ودرس من دروس الحياة لغاية محددة، وأن لغة الفشل الصماء البكماء هي أبسط لغة يمكن أن يفهمها الإنسان الناجح. المطلوب منه فقط أن يبدأ تحليلها، وهي صعبة الفهم لغير المؤهلين والجديرين بالنجاح.

والعاقل هو من يتعرض لمصيبة ويخرج منها أكثر حكمة, وأكثر خبرة, وأشد تصميماً على المضي قدماً في سبيل تحقيق هدفه.

اتبعت بعض الشركات طريقة في اختيار مرشحين للعمل لديها بوضع نقاط أعلى لمن تعرّض لأكثر من حالة فشل أو نكسة أو مصيبة وخرج منها بأقل الخسائر, معتبرة أن مثل هؤلاء لا ترهبهم الأزمات وقادرون على تخطي أيّ منها، منطلقة من مبدأ أن من يتعرض للفشل أكثر من مرة يعرف ما الذي لا ينبغي فعله حين تعرضه للأزمات.

“لا يستطيع احد أن يعلّق على صدرك لوحة ” أنت فاشل “ما لم تعلقها أنت بنفسك”

لذا انتقوا المكتوب على صدروكم وعقولكم وافعالكم

وانفض غبار الكلمات وتنفس نجاح يليق بك

واترك اثر الفشل نجاح يحتذى به

ولا تخف الفشل بدونه لاطعم للنجاح .

كلاهما نقيضان اختر لنفسك الجانب الذي تود أن تكونه

شاهد أيضاً

” مهارات التأثير الإعلامي “

  بقلم – سراء عبدالوهاب آل رويجح: أقيمت بمحافظة بيشة يوم أمس الخميس التاسع عشر …

2 تعليقات

  1. شكرًا جزيلاً جميلاً أستاذة سلافة
    – الفكرة ممتازة بل رائعة لتحفيز الشباب.
    – بل هي مبادرة إيجابية تفيد كل أطياف المجتمع.

  2. عماد ابوعلامة

    مقال رائع من استاذة قديرة باسلوبها الجميل والبسيط والتطرق لموضوع جداً مهم موضوع الاحباط واليأس بإدعاء الفشل
    موفقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com