بقلم / سميه محمد
البعوضة هي اشد فتكاً من اي حيوان مفترس فهي تقتل (شخصين) كل دقيقة و نحو ( المليون ) سنوياً .
و اذا قارناها بمخلوقات أخرى أكثر خطر فالتمساح يقتل ( ألف) سنوياً .
بينما الأفاعي تتسبب بمقتل ( خمسين ألف ) سنوياً .
وعلى مدار (مئتي ألف) عام قتل نحو ( ١٠٨ ) مليار شخص على الأرض ، قتل البعوض مايقرب من نصفهم أي أكثر من ( ٥٢ ) مليار شخص .
البعوض يضم أكثر من
( ٣٠٠٠ ) نوع لكن الأخطر هي ثلاثة أنواع :
١. ايديس أو الزاعجة المصرية
تنقل فيروسات النيل الغربي و زيكا و حمى الضنك ، تنتشر في المناطق الإستوائية و الوطن العربي ..
٢. كولكس Culles
تنقل فيروس الملاريا و الحمى الصفراء ، تنتشر في معظم أنحاء العالم ..
٣. أنوفليس Anopeles
تنقل فيروس الملاريا ، توجد في كل بقاع الأرض باستثناء القارة القطبية المتجمدة ..
لم يكتشف منذ البداية أن سبب الملاريا يرجع إلى قرصة بعوضة فقد لاحظ الأطباء من قديم الزمن أنتشار مرض الملاريا حول البرك و المستنقعات ، فظن البعض أن سبب المرض هو أستنشاق الغازات و الأبخرة الملوثة المتصاعدة من مياه البرك و المستنقعات الراكدة ، و لهذا أخذوا كلمة ملاريا من كلمتين
( مال _ أريا ) و معناها
الهواء الفاسد ..
أما السبب الحقيقي لهذا المرض فقد ظل مجهولاً إلى أواخر القرن التاسع عشر حتى كشفه الطبيب الفرنسي ( لافيران ) لقد رأى لافيران في عينات الدم المأخوذة من مرض الملاريا طفيليات غاية في الصغر ، داخل خلايا الدم الحمراء ، و لم يكن رآها من قبل ، وظن لافيران ان هذه الطفيليات هي المسببة لمرض الملاريا ..
ولكي يتأكد من ذلك ذهب إلى الجزائر ، حيث كان المرض أكثر انتشاراً ، و أعاد فحص مئات العينات من دم المرضى بالملاريا فشاهد هذه الطفيليات ولما وثق من تجاربه تقدم في عام ( ١٨٨٠ ) إلى أكاديمية العلوم في باريس برسالة قصيرة ..
( تعيش الطفيليات في دم الإنسان المريض ، و تتغذى على مادتها الحمراء و تتلفها ، وهذا هو الذي يسبب ضعف جسم الإنسان المريض وسوء صحته )
قوبل كشف لافيران في أول الأمر بالشك و السخرية ولكن سرعان ماتحقق العلماء من صحة كشفه ، و لم يرق نجاحه لرؤسائه فعملوا على إبعاده عن البحث العلمي ، و خيروه بين أن يقبل الترقية إلى وظيفة إدارية أعلى أو يترك عمله في البحث العلمي ، فما كان من لافيران إلا أن رفض العرض الأول ، وترك الجيش ثم التحق بمعهد ( باستير ) إلى أن مات عام ( ١٩٢١ )
بعد أن حصل على جائزة نوبل ..
من بعد وفاته كان السؤال الشاغل لأفكار الأطباء هو كيف ينتقل الطفيل المسبب للمرض من دم المريض إلى دم السليم ؟! ..
وأجابة هذا السؤال كانت عند الطبيب ( رونالد روس )
فقد سافر إلى بلاد الهند التي كان يموت فيها ملايين من الأنفس كل عام بسبب الملاريا ، وقد عانى روس خلال بحثه وهو يرى آلاف المرضى يموتون و يتساقطون كأورق الشجر في موسم الخريف ..
أخذ الطبيب روس يواصل البحث لكي يصل إلى الطريقة التي ينتقل بها الطفيل و ينشر المرض ولم يكن يملك من أدوات البحث سوى مجهر صغير أضافة إلى عزيمته و أصراره على مكافحة هذا المرض .
طلب روس من العمال الهنود أن يتصيدون له البعوض و هو بدوره كان يقوم بعناية ودقة بتشريح جسم البعوض بعوضة بعوضة و فحص أنسجتها تحت المجهر ، وكان يعمل لساعات طويلة أيام الصيف تحت جو حار خانق و رطوبة شديدة ،
وظل روس يتابع تشريح البعوض دون ملل وفي يوم (٣١) أغسطس ( ١٨٧٨ )
شاهد بعوضة من صنف لم يرها من قبل ، فأمسك بها و فحصها فوجدها من فصيلة تعرف ( بالأنوفيلس )
والكلمة معناها المؤذي او الضار حتى أهتدى إلى طفيل الملاريا في أنسجة هذا البعوض فطفيل الملاريا إذاً يعيش و يتكاثر في أنسجة إناث بعوض ( الأنوفيلس )
وبذلك أثبت روس ان طفيليات الملاريا تعيش و تتكاثر داخل كرات الدم الحمراء في الإنسان المريض وتنتقل إلى الإنسان السليم عن طريق هذا البعوض ، و بهذا عرف العالم كيف يقي نفسه من هذ البعوض و هذا المرض ..
ونتوقف عند الإعجاز العلمي في سورة البقرة
من آية( ٢٥ ) إلى ( ٢٦ )
قال تعالى :
(( إن الله لايستحي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها فأما الذين ءامنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم و أما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيراً و يهدي به كثيراً و ما يضل به إلا الفاسقين ))
سبحانك ياالله جلت قدرتك ذكر الله تعالى البعوضة الأنثى لأنها هي التي تقوم بأمتصاص الدم من الإنسان او غيره من مخلوقات من الحيونات والطيور لتحسين البيض التي تقوم بإنتاجه وأشارة إلى أنها هي من تنقل الأمراض أما الذكر فيتغذى على رحيق الإزهار و مهمته الأساسية هي التلقيح .
خلق الله هذا المخلوق الضعيف ، الهين ، الذي لايكاد يرى بكل هذه الدقة و العبقرية و التعقيد فقد أحتار العلماء في فهم اسرار هذا المخلوق الضئيل فكل التكنولوجيا و الدرسات و الأبحاث و الأدوات مع الأجهزة المتطورة وقفت عاجزة أمام هذه البعوضة ، و على الرغم من دفع المليارات للأبحاث و إكتشاف طرق تساعد على القضاء على هذه الحشرة التي تقتل عشرات الآلاف سنوياً بمرض الملاريا فهي القاتل المتسلسل الذي لا يتوقف عن القتل و هو معروف و لا يختلف عليه أثنان لكن يظل الإنسان على كثرة أسلحته و تحصنه غير مؤتمن من جانب البعوضة فكل مالديه يصبح أشبه بالسراب عندما يتواجه مع غريمه البعوضة .
الآلية العجيبة التي تتكاثر بها البعوض و هي آلية امتصاص الدم سواء من الإنسان او غيره من الحيونات والطيور فهي تختار نوع الدم وتقوم بفحصه ان كان يناسبها أو لا كذلك تقوم بفحص درجة الحرارة ، ولديها سكاكين دقيقة جداً مزودة بمادة مخدرة فهي تقوم عند امتصاص الدم بعملية جراحية متكاملة من ناحية الأدوات و التعقيم ، و الذي حير العلماء أنها عندما تقوم بأمتصاص الدم تفصل عنه الماء و تخرجه من جسدها عن طريق قطرات ليسهل عليها الطيران بعد ذلك .
وعلى الرغم أنها تحمل من الدم مايفوق قدرة جناحيها على التحمل فسبحان الله من سيرها و أعطاها القدرة أن تطير بطريقة التجديف بجناحيها كي تتحمل طاقة أكبر من حجمها و أكثر من وزن جسمها بهندسة دقيقة و كفائة عالية .
أيضأ أكتشف العلماء ان فوق رأس البعوضة حشرة صغيرة لايمكن رؤيتها بالعين المجردة تمص دم البعوضة أثبات و أعجاز لما ذكره القرآن الكريم كلام الله الحق الذي انزل من فوق سبع سموات فالمؤمن سيزداد أيمان بقدرة و عظمة الله جل جلاله اما الكافر والملحد فلن يتكلم إلا بالسخرية و كيف يضرب الله مثل بحشرة مثل البعوضة مع أنهم متقنين في قرارة أنفسم ان هذا هو الحق و لا ظلال بعده ، و لكن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها فقد خلق هذا المخلوق الضئيل وجمع به أجهزة كثيرة و دقيقة فهي تشمل الطبيب مع غرفة عملياته و أدواته ، كذلك تشبة المضخة التي تفصل الدم عن الماء و تصفيه بطريقة محيرة و مبهرة ، و تماثل الطيران المحترف بطرق لاتخطر على عقل بشر ، و قد استفاد منها الكثير من العلماء في الاختراعات سواء في مجال الطب أو هندسة الطيران و في مجالات كثيرة ..
سبحانك يا الله يارب العرش العظيم كيف خلقت هذا المخلوق و أبدعت في خلقك أشهد أنه لا إله إلا أنت تباركت و تعاليت ياذي الجلال والإكرام أبعد كل هذه البينات و الآيات و الحقائق و الوقائع كيف هناك أناس لايؤمنون سبحانك لك الحمد و لك الملك وأنت على كل شيء قدير ..
ولو جمعت ماقتل من البشر بسبب الأمراض القديمة و الحديثة ، و أضفت عليها ماقتل من البشر بسبب الحروب و الكوارث الطبيعية كالفيضانات و الزلازل ، كذلك قتل البشر عن طريق مهاجمة الحيوانات المفترسة لوجدت أنها قليلة مقارنة بما تحصده البعوضة من أرواح البشر كل سنة بل و تتفوق بكثير فالبعوضة هي القاتل الذي لايمكن السيطرة عليه تزيد في عدد ضحياها وبطرق قتلها المتعددة واساليبها المتقنة و تتفنن في الأختيارات الموثوق بها فهي لا تمتص إلا الدم الصافي والسليم و الخالي من الأمراض ، و هناك درسات تقول أنها تفضل أصحاب فصيلة الدم ( o )
اضافة إلى انتشارها في كل مكان على سطح الأرض وتفضل البرك و المستنقعات و اي مكان فيه مياة راكدة لتبيض فيها وتنشر من نسلها المميت ..
فلا تستهين بهذا الجسم الضئيل فقد ينقل شخص سليم بثوان إلى المرض و التعب و العذاب قبل موت محتم إن لم يتم تداركه .
وحقاً كما قالت العرب في المثل القديم :
( قد تدمي البعوضة مقلة الأسد ) .