وقفة تأمل

بقلم / زارب بن علي آل معدي

ليس هناك أعظم وقعا وتأثيرا من الموت لا سيما إذا كان هذا الموت مفاجئاً دون مقدمات، إما بسبب حادث أو مرض أو سكتة قلبية ونحو ذلك، فقد اصبحت حياتنا اليوميه لاتخلوا عن سماع أو حضور مشاهد للوفيات بشكل واسع سواء في المدينة أو الحي الذي تسكنه أو من خلال ماتتناوله اخبار السوشل ميديا من حولك بأسباب شتى وأعمار مختلفه والشاهد مما تقدم هل اتعظنا واعتبرنا بمشاهدتنا ومشاركتنا في مراسم التشييع والدفن ؟! أو بما نراه يومياً من عشرات الوفيات ؟! أم على قلوب أقفالها؟ هذا هو السؤال المحير ، فالكل يدرك أنه راحل عن هذه الحياة الدنيا الفانية، هذه الدار التي وجدنا فيها من باع آخرته بدنياه لمكاسب وقتية ومصالح دنيوية، وملذات مؤقته ، فقد أعمى الله بصيرته وختم على قلبه وسمعه، فأنّى لهذا وأمثاله أن يعتبروا أثناء مشاهدتهم لهذه المواقف ، فالموت يأتي دون سابق مقدمات ، والبعض لم يتهيأ لما هو آت ، ولقد أمرنا المصطفى عليه الصلاة وأتم التسليم بأن نزور المقابر بعد أن كان نهانا عن زيارتها ، والغرض من ذلك أن يعتبر المرء ويزهد بهذه الدنيا الفانية ويستعد لمثل هذا اليوم خصوصاً كمسلمين ندرك ذلك

، فكيف بمن انشغل بالملذات والشهوات أو بالمخاصمات مع الناس أو بقطيعة الأرحام وعقوق الوالدين ، أو بمن أكل أموال الناس بالباطل ، ولايبالي بالحرام والمعاصي ، وكأن حياته للأبد ، وكأن الأمور لاتهمه ، ويعيش في هذه الحياة في عناء الدنيا وتعبها ونكدها، ولا يكاد يتركها حتى يكون أثراً بعد عين، وخبراً بعد أثر، مع أن واعظ الموت يقرع سمعه وبصره صباحاً ومساء، فلا شيء يستحق في هذه الحياة سوى طاعة الله وعبادته وأداء الواجبات الدينية وتعاليم هدي نبيه ، و الموت ليس آخر الحياة كما يظن كثير من الناس، بل هو ابتداء مرحلة أخرى عظيمة لا تقاس بمرحلة الدنيا مهما بلغت إلا بنسبة لا تكاد تُذكر ، والحياة الدنيا ليست إلا ممراً يعبر به المرء للوصول للآخرة دار القرار ، و لابد أن يحمل الانسان شيئاً في هذا الممر ما يستطيع حمله أثناء مروره الى المقر الدائم ( الآخرة ) فإن حمل خيراً فخير، وإن شراً فشر، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل» قال تعالى ؛

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ). ولايعني الامر أنك مسلم الهوية فقط ، ولكن بالقول والعمل بما جاء في الكتاب والسُنّة النبويه .

وإن فِي الْمَوْت حِكْمَةً لمن أَرَادَ التدبُّرَ، وعبرة لمن اعْتبر، فهناك: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ). إن الموت أعظم واعظ وأبلغُ زاجر، قال صلى الله عليه وسلم : “أكثروا من ذكر هادم اللذات”وما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالإكثار من ذكره؛ إلا لما يورثه ذكر الموت من القناعة في القليل، والحثِ على السير للدار الآخرة بزاد يَبْلُغ بصاحبه حيث النجاة ، نسأل الله لنا ولكم ولكل مسلم ومسلمة الهداية والتوفيق ، وأن يجعلنا وإياكم ممن ختم لهم بالحسنى، وأن يتوفانا مسلمين وهو راض عنا والحمدلله رب العالمين .

شاهد أيضاً

((كيف نتسامح))

بقلم/ حسن سلطان المازني قبل عدة سنوات حصل عليّ خطأ من صديق عزيز اعده كأخ …

تعليق واحد

  1. السلام عليكم
    جزاك الله خير وبالنسبة لتبلد احساس الناس وعدم الإتعاض فهذا شى وارد وله اسبابه وهي كثرة الذنوب والغفلة والإستغناء فأما الذنوب فينتج عنها الران قالتعالى(بل ران على قلوبهم) وأماالغفله فينتج عنها الطبع على القلوب قال تعالى(بل طبع الله على قلوبهم) وأما الإستغناء فينتج عنه الطغيان قال تعالى(كلا إن الانسان ليطغى أن رآه استغى)نسأل الله ان يهدي قلوبناويوقضنا من غفلتنا 🌹اخوك ابوفاروق

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com