الغبار وأحلام الدراويش..!!

فايع آل مشيرة عسيري1ألو…؟!

“أبشرك:بكرة إجازة،علقوا الدراسة بأحدى قدميها..”

هكذا كانت رسالة تداولتها رسائل الوآتس آب،والنصية القديمة التي لا تظهر إلا في الهاتف المصرفي،وفواتير الكهرباء،والتلفون الثابت،وقسائم المرور،وموسيقى حزينة توحي بالغبار الذي قصف كل جمال أمامه،تلك النكتة التي سرت بنا عبر مواقع التواصل الإجتماعية السريعة،
وبين ليالي الأسر السعودية السعيدة،تجتمع،وتتحدث،وتطلق الضحكات،وتجد الجو هالأسري الحميم،والدفء،وتجد الناس تتلذذ بالإجازة،ويسعد أطفالها باللعب والمرح،ويرمي بحقيبة مدرسته المثقلة لكاهلة،فالأم لن تصحو باكرًا،والأب سينام غير مكترثًا
لساعة التنبية،وسائق الباص سينعم بليلة هادئة بعيدًا عن أشارات المدينة،وإختناقات الطرق المزحومة،ناهيك عمن يقطع الأودية،والقفار،والجبال،والأودية،
وساعات الفجر الأولى،حتى الشغالة ستبقى في فراشها لساعات أطول،وعمَال النظافة سيجدون العذر في تأجيل ساعات الدوام الباكرة،إلى ساعات الأشراق،وسيجد المطعم القريب راحةً غير مرغوباً فيها من تدافع طالبي الفول،والتميس،وسيرتاح الشارع من زرافات الأزدحام الباصات الصفراء،والبيضاء،والتي أستبدلت لونها بالغبار،وعبارة..
“تضيق الخاطر”…”وقوف متكرر”،وكأنها عبارة الأتصالات”سيتم تسجيل مكالمتك آليا،فضلا أنتظر لمدة “٥” دقائق،وتستمر لـ”١٠”،وساعات،وساعات أردد:”ساعات يعجبني الغبار،وساعات ماطيقه..”
وفي”عجَة الغبار”أتذكر شاعرنا الأعمى بشار بن برد قائلا:
كأن مثار النقع فوق روؤسنا
وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه

فهل كان”النقع”وهو غبار الحرب يحس به بشار أو دكتور الأدب مثلنا..؟!
والغبار الذي حول مستشفياتنا لساحات من الفوضى،والربو،والسعال الذي أصاب حتى”الديكة”،حتى قال أحد المرضى الخارجين”ياجماعة خذوا بخاخ الربو،هذا ماعندهم غير”فيفادول”..
الغبار الذي دخل كضيف ثقيل على كل البيوت،بمافيها الفلل،والخمسة نجوم،والسيارات الفارهة،والبشت الذي لأول مرة يعانقه الغبار العاشق،فهل عسى المسؤول السيد”بشت”أن يتعرف على من يقطن الغبار بيته، ويغطنه الغبار سعالًا،وأوجاعا،وفقراً،وتيتماً،وضماناً،وحافزاً،وبطالةً،وغبار الظروف يقرع أبوابه يوميًا..حتى بات لا يستأذنه في الدخول،والنوم في غرفته،الغبار الذي حول الشوارع،والناس لإستنفار كبير في كمامات تغطي”نص الوجه” فهل نتذكر معها معاناة”عمليات المرضى”
الغبار الذي نفض غباره المساكين،والفقراء،وأحلام الدراويش،وبقي مذيع
نشرة الأحوال الجوية يضع يده على مدننا الصحراوية،ويدغدغ مشاعرنا المثبطة”عوالق ترابية”؛فكان بسببها علقت الدراسة في مناطق…،و…،و…الخ
هكذا يغطينا الغبار،ومازال يردد متسائلا:
طيب بعد غد إجازة..؟!
لتقبل الإجازة وجهين لا ثالث لهما..
ممقن إيه،وممقن لا.

ومضة:
لو كانت الفنانة القديرة”فيروز” عندنا هل كانت ستغني ثلج،ثلج،عما تشتي الدنيا ثلج،
أعتفد أنها ستغني غبار،غبار عما تشتي الدنيا غبار.


 فايع آل مشيرة عسيري

>

شاهد أيضاً

إن خانتك قواك ما خانك ربك ولا خانك ظناك

بقلم: ابراهيم العسكري تعرضت قبل فترة لعارض صحي اعياني من الحركة وارقني من النوم واثقل …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com