بقلم : زارب بن علي آل معدي
يحتفل المسلمون في جميع أنحاء العالم بعيد الأضحى المبارك، أحد أهم الأعياد الدينية في الإسلام ، ويمثل صباح يوم غد الاحد 10ذي الحجة 1445هـ أول أيام العيد في السعودية بالذات بنكهة خاصة ، لتتشكل لوحات فنية جمالية لمظاهر الفرح والسعادة، تشكلها لقاءات المعايدة بمشاركة أهالي البيت الخاص والأُسرة العامة وأهالي الحي الواحد بمشاعر الفرح والبهجة بهذه المناسبة السعيدة، التي لم تقف عند حدود ذلك المنزل أو الحي والمدينة ، بل تعم أرجاء الوطن بشكل عام ، ولم تقف هذه الفرحة فقط بين أفراد الأُسرة والقرية والمدينة بل كل مواطن ومقيم داخل هذه البلاد العزيزة كحلقات متصله من اصغر مواطن عادي الى مقام سيدي خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة من أمراء و علماء ووزراء وجنود وفي كل صوب ، وكل ثغر ، على تراب هذا الوطن الغالي ، فتجد الصحافة والاعلام ووسائل الاتصالات تعج بالتواصل والفرح والتبريكات والتهاني بينهم البين ، ولم تقف فرحة المواطن السعودي على أضحيته وعيده الخاص بل بفرحة وسلامة وراحة ضيوف الرحمن في هذا الحدث السنوي العظيم لملايين المسلمين الذين حلّوا على هذه البلاد كضيوف للرحمن ، يبتهجون بأداء هذا الفضل العظيم ، ونفرح معهم بنجاح خدماتنا لهم وسلامتهم وتسهيل أمورهم ، كالجسد الواحد مابين المسلمين والضيف والمُضيّف ، ويتميز هذا العيد بأجوائه الخاصة من الفرح والبهجة، وطقوسه المميزة التي تعكس معاني التضحية والإيمان والتقوى.
لذلك يُعد عيد الأضحى أكثر من مجرد عيد فردي، بل هو عيدٌ للمجتمع بأكمله وإنّ العيد الحقيقيّ لا ينحصر في فرحة فردية كما اسلفت لكم ، بل هو فرحةٌ للأمة بأكملها، يبدأ بفرح الوالدين، والابناء ومن ثمّ الأقارب، ثمّ الأصدقاء، وكل من نحب وصولًا إلى جميع أفراد الأمة ، فالعيد الحقيقيّ هو فرحةٌ نابعةٌ من الإيمان والتقوى، وفَرَحٌ عام بفضل الله تعالى ونعمه، وفَرَحٌ بطاعة الله تعالى وأداء مناسكه ، ليظهر العيد الحقيقيّ كفرصةٌ تُجسدَ معاني الإسلام السامية، وتُظهرَ الصورة الحسنة عن ديننا الحنيف ، فلنجعلْ من هذه الأيام أيام شكرٍ لله تعالى على نعمه، وخاصّةً نعمة الإسلام والإيمان.
وفي صباح غداة العيد المبارك سوف ترسم فرحة العيد، البهجة والسرور بإذن الله كالعادة على وجوه الكبار والصغار في مختلف مناطق السعودية، مع ساعات الصباح الأولى بالتوافد إلى ساحات المساجد والمتنزهات والمرافق العامة بصحبة عائلاتهم، وفي الوقت الذي قضوا يوماً سابقاً ( يوم عرفه ) في صيام لغير الحاج وعبادة ومناجاة لله تعالى من الجميع ، ثم ليلة استثنائية حتى صبيحة يوم العيد ، ويحرص السعوديون على المحافظة على عادات تقليدية متعارف عليها منذ عقود، ومن أبرزها «إفطار العيد» وتبادل الهدايا ، والتجمعات الأسرية التي تجمع العائلة على مائدة واحدة ضمن مظاهر الفرح التي اعتادوا عليها كل عام، وتتمثل شعائر عيد الأضحى في ذبح الأضاحي وتوزيع اجزاء منها على المحتاجين، والاجتماع مع العائلة والأصدقاء، وصلة الرحم، ونشر الفرح والبهجة.
وتُجسد شعائر عيد الأضحى، من ذبح الأضاحي وتوزيعها، معاني العطاء والكرم والسخاء ، فالمسلم يُشارك بلحوم هذه الاضاحي بالأكل والإهداء والصدقه مع الأهل والأقارب والجيران والفقراء تعبيرًا عن مشاعره الإنسانية ومحبته وتضامنه مع من حوله من مجتمعه . وهناك ما يفعله الحاج في مكة المكرمة من ذبح الهدي للتقرب الى الله تعالى ونيل الاجر والثواب ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم، وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع من الأرض، …
والضحية هنا شيء والهدي شيء آخر ، فالهدي يتم توزيع لحومها في المشروع على مستحقيها من فقراء الحرم، ونقل ما يفيض منها إلى فقراء عشرات الدول العربية والاسلامية ضمن القارة الآسيوية والأفريقية، براً وبحراً وجواً، ويشكل توزيع الأضاحي في موسم الحج جزءًا من العديد من الأعمال الخيرية التي تقوم بها المؤسسات الخيرية في المملكة العربية السعودية ، وختامًا، ندعو الله تعالى أن يجعل عيد الأضحى مباركًا على أمتنا الإسلامية، وأن يُعزز روح التضامن والتعاون بين أفراد المجتمع، وأن يُوفقنا لاتباع سنّة نبيّنا إبراهيم عليه السلام في طاعته وامتثاله لأوامره ، وأن يحفظ هذه البلاد من كل سوء وأن يعين خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الامين وأن يسدد خطاهم لما فيه خير البلاد والعباد ، وأن يتمم لحجاج بيت الله حجهم وأن يتقبل منهم وأن يعودوا لأوطانهم وأهاليهم بسلامة وأمان ، وتهانينا لحكومتنا الرشيدة وللشعب السعودي ولجميع البلدان الاسلامية بحلول هذا العيد المبارك وكل عام وأنتم بخير .