بقلم الكاتب / زارب بن علي آل معدي
من خلال تجربتي وتنقلي بين مُدن المملكة للسنوات الماضية وسكني في عدة احياء ومن خلال نقاشات المجالس اليومية نجد كثير من المساجد الصغيره بالذات أو في بعض الجوامع تبرز بين الحين والآخر بعض الخلافات بين المصلين ومازالت الى يومنا هذا ، فيما يتعلق ببعض الأمور البسيطة التي لا تستحق أن تصل إلى درجة الخلاف، والشوشرة ، بين المصلين أو جماعة المسجد، مثلاً فيما يتعلق بوقت إقامة الصلاة، أو درجة التبريد، أو التدفئة في المساجد، أو إذاعة المسجد، ودرجة صوتها أو قراءة الإمام أو التقديم والتأخير ، وبالطبع لاتخرج مثل هذه الخلاف إلا من شخص أو شخصين فقط ، فإذا حصل مثل تلك المشكلات البسيطه تجد الموضوع يتطور الى كيديات ، وازعاج بالمسجد ، وتفرقة جماعته ، فيأتي البعض بزرع الفتنة وتشويه السمعه للمؤذن أو الإمام أو المشرفين على بيوت الله ، ويتطور الوضع بالبلاغات الكيدية لادارة المساجد بوزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بطريقة ما ، وإشغالهم، حتى يتم تعطيل المسجد بدون امام او بدون مؤذن الخ ، ووجهة نظري أن تضع الأوقاف حداً لمثل هذه الدعاوي والبلاغات الكيدية في مثل هذه الأمور على أن يتقدم المبلغ بصراحة وليست خفيه ويذكر السبب لتكون الادارة والموظف ( الامام او المؤذن أو المشرف ) مع ( المُبلِغ ) وجهاً لوجه وعلى بينة ولتحمي الادارة ( موظفيها وصلاحياتهم ) وهذا شئ مهم للغاية ، مثلها مثل أي ادارة حكومية أخرى لاتسمح بالتجاوز على منسوبيها ومهامهم ، فالامام والمؤذن لديهم واجبات يدركونها وتعليمات يعملون بها ، وليعلم الجميع أن كل اجراء لهم في المسجد لجماعة المصلين عامة ، وليس لشخص ما ، ولايحق لأحد أن يتدخل في مهامهم بحسب رغبته الشخصية ، حتى مكيفات المسجد وصوتياته هم المسئولين عنها وتنظيمها وتهيئة جو المسجد للمصلين بشتى أعمارهم بطريقة معينه ، أما أن يأتي شخص واحد ويغلق المكيفات اثناء الصلاة أو يقوم بالعبث فيها لمصلحته الشخصيه فلا يمكن ، وعلى مثل هؤلاء ( المشوشرين ) احترام بيوت الله والقائمين عليها ، وليعتبر نفسه بطريق سفر صلى مع المصلين ثم غادر ، وعليه أخذ احتياطه الشخصي مثلاً ان كان يعاني من البروده ان يرتدي ملابس دافئه وان كان العكس فالعكس ، فالمشكله هي مشكلته الشخصية ، فالمسجد للعامة وليس غرفة فندقية خاصة ، وعلى الإمام الراتب والمؤذن والخادم مراعاة حق المأمومين ، وأن يكون النصح بينهم بالحكمة ، والتروي ، ولا يكثروا الجدال ، والترفق بحال المأمومين ، فالمشروع في حق الإمام ألا يشق على الناس ، وأن يترفق بهم ، ويتوسط في أمره ، ويتدرج معهم ، في نقلهم عما ألفوه ، إلى الحال الفاضلة ، والسنة الكاملة ، فالإمام في الصلاة ضامن ، فهو يحفظ للمصلين الصلاة فتكون صلاتهم تامة ومطمئنة ، والمؤذن مؤتمن على الصلاة ووقتها ووقت الصيام والافطار ..الخ
وليحرص أهل المسجد جميعا على توافر المحبة والوئام بينهم ، ولإمام المسجد في ذلك دور كبير ، وخاصة في خطب الجمعة ، أو الدروس التي يلقيها ، وإنما شرع الله الصلاة في المساجد للاجتماع على ذكره وعبادته، ولا يتم ذلك كما يحب ربنا ويرضى إلا إذا اجتمع الناس في بيوت الله على الألفة والمحبة ، وقصد وجه الله والدار الآخرة ، لا على الخلاف والنزاع والشقاق والجدال ، فالفوضى في المساجد قد تصدر من الرجل الكبير في السن، أو من الطفل الصغير، أو من الشاب البالغ، أو من غيرهم، لذا فإنه لا بد من فقه التعامل مع كل واحد من هؤلاء كل بحسبه، وقد تكون هذه الفوضى بسبب خطأ عند أحد المصلين، أو عند إمام المسجد، أو بسبب الاختلاف في المذاهب والآراء بين الأمام والمأموم، أو كما ذكرناه في المقدمة ، فتحتاج معالجتها إلى حكمة وعلم، وحسن بيان ، فيلزم كل مسلم احترام بيت الله وتعظيمه فإن تعظيمها تعظيماً لشعائر الله سبحانه: ( ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) ( الحج:32)، ومشكلة الفوضى في المسجد لا بد أن تعطيها إدارة المسجد حقها من الدراسة والتحليل، والكشف عن أسبابها، وذكر علاجها، وعدم التساهل ، وعلى الادارة المسئولة بادارة المساجد الاهتمام ببيوت الله وهدفها وحماية موظفيها وسمعتهم وأن لاتجعلهم في درجة الضعف أمام شخص متطفل لايكاد أن يظهر أمام جماعة المسجد أو أمام الادارة بالحقيقه ، فاللهمَّ أرشد الأئمة بأن يهتدوا الى الصواب لما عليهم من مسئولية عن الغير ، وأغفر للمؤذنين عن تقصيرهم وأهدهم للصواب ، وأصلح حال جماعة كل مسجد وألف بين قلوبهم واغفر لهم ماحدث من تجاوز وهيئ لهم من أمرهم رشداً .