“المماطلة في سداد الدين: مشكلة أخلاقية واجتماعية”

بقلم ✍️ طارق مبروك السعيد 

جرت العادة عند بعض الناس أخذ أو استلاف مبالغ مالية من معارفهم وأقاربهم وزملاءهم بالعمل بإستمرار، ويستغلون بذلك طيبة الناس، وللأسف أخذوها عادة سيئة، وتجد مستوى معيشتهم جيد ولكن تأصلت عندهم هذه العادة السيئة ..!

وهذه العادة قد تكون مرتبطة بسلوكيات اجتماعية أو نفسية معينة..

والمشكلة إذا طلبوا ما يريدون يستخدموا جميع وسائل التواصل حتى ينالوا طلبهم، وبعد إنقضاء حاجتهم يختفون عن الأبصار ..!

وطبعا مقالي بعيد عن الأشقاء والأقارب الذين تربطهم علاقة القرابة، ومساعدتهم واجبة وخصوصا من كانت ظروفهم صعبة ..

وهناك عدة أسباب قد تدفع البعض لتكرار هذا السلوك:

1. غياب الإحساس بالمسؤولية: قد يشعر هؤلاء بأن الآخرين سيتفهمون وضعهم دائمًا، مما يقلل إحساسهم بالالتزام بإرجاع الأموال.

2. الثقة الزائدة: يعتقدون أن علاقتهم القوية بمعارفهم تسمح لهم بهذا السلوك دون عواقب.

3. حاجة نفسية: في بعض الأحيان، يكون طلب المال عادة مكتسبة بسبب قلة الوعي بأهمية الاعتماد على الذات.

 

كيف يمكن التعامل مع هذه العادة؟

• التحدث بصراحة: مواجهة الشخص بلطف وإخباره بأهمية احترام الالتزامات المالية.

• وضع حدود: التوضيح أنك غير قادر على تقديم الدعم المستمر دون إرجاع الأموال.

• التفكير في مساعدة غير مالية: تقديم نصائح أو حلول لتحسين وضعهم المالي بدلًا من إعطائهم المال.

• تعزيز الاستقلالية: تشجيع الشخص على البحث عن حلول مستقلة لمشكلاته المالية.

 

إذا استمر هذا السلوك، فمن المهم التوازن بين مساعدة الآخرين وحماية حقوقك المادية.

 

بالفعل، هذا السلوك يعد إشكالية أخلاقية واجتماعية، خصوصًا عندما يكون لدى الشخص القدرة على السداد ولكنه يتعمد التأخير أو الإهمال ..!

لا شك أن ديننا الاسلامي الحنيف لم يترك لا شاردة ولا واردة إلا بينها في كتابه الكريم وسنة نبيه، فمن باب تحريم مطل الغني بحقٍّ طلبه صاحبه..

قَالَ الله تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58]، وَقالَ تَعَالَى: فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ [البقرة:283].

وهذا ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: “مطل الغني ظلم” (رواه البخاري ومسلم).

ومعنى “مطل الغني”: التأخير أو المماطلة في سداد الدين مع القدرة على الوفاء.

 

ومن صفات المسلم الصالح تجنب المماطلة في تسديد دين الآخرين وهي أمانة يجب ردها لصاحبها، وهي حتما مسؤولية دينية مشروعة ..

 

نصيحة لهؤلاء الأشخاص:

1. تذكر المسؤولية أمام الله: يوم القيامة يُحاسب العبد على أمواله وديونه.

2. الحرص على الأمانة: كون الأمانة من أعظم الأخلاق الإسلامية.

3. الاستعانة بالله: إذا كان هناك عذر حقيقي يمنع السداد، يجب التوضيح للطرف الآخر وطلب المهلة برضا.

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ أنه قال: “نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه”..

وأما لمن يتعرض لهذا السلوك، فمن حقه أن يطلب دينه بلطف واحترام، وأن يذكّر الشخص بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، مع الحرص على الصبر والتعامل بحكمة.

 

أجارنا الله وإياك من صحبة هؤلاء الناس أصحاب المصالح .

للتواصل مع الكاتب:

saeedtm9@gmail.com

شاهد أيضاً

نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام يتطوع ليكون مسؤول المالية

بقلم الكاتب/ عوض بن صليم القحطاني أشار القرآن الحكيم إلى نماذج من تطوع نبي الله …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com