احذروا الشماتة او التنمر مع الابرياء فدعواتهم طاحنة

 بقلم:ابراهيم العسكري

كنت بالأمس في زيارة مع عدد من الرفاق لزميل آخر جهة تهامه جمعت جلستنا وجوه نرتاح لها ومحببة لنا يزيد في المتعة الجو العليل المعتدل والحديث العذب والفكاهة والمرح واثناء جلستنا بعيد العصر لاحتساء القهوة والشاي وبعض المرطبات.!

استأذن احد اقارب مضيفنا مبكرآ فطلبنا منه البقاء معنا ولكن اعتذر لايصال ابنته لمعلمة خاصة .!

دار الحديث وسأل احدنا وليته لم يسأل ولما معلمة خاصة .

هناك تأوه الأب في الكلم وقال كانت أبنتي مرحة وجيده تحب المدرسة وتحب اقرانها وتلعب وتمرح معهم ولكن مع دخولها المرحلة المتوسطة حدث لها مرض البهاق فاصبح هناك بقع في الوجه واليدين وأخذ منها قلال الحظ والأدب والمروءة بتنمرهن بقصد او بغير قصد مما دعاها الى طلب والديها بالاعتذار عن مواصلة الدراسة لتلك الاسباب واضاف انها تعاني يوميآ ممن يطيل النظر اليها فتستشعر الخجل والخذلان من الجميع .!

غادر ذلك الأب وبقيت شخصيآ اتأسف على خذلان ابنته وكم هناك من اهل المعاناة غيرها.! تأثرت ولم ارى البنت البته ولم اشاهد والدها الا اثناء ذلك اللقاء ولكن علم الله ان شعوره ومعاناته كدر خاطري فالوالدين يحملان هم كبير لا يعلمه الا الله لضناهما ابن او بنت حينما يمرض او يتعرض لكذا مواقف.!

باعتباري صاحب تجربة ثرية ومريرة بمثل ذلك تحدثت مع الأب ان يدعم هو ومن حول ابنتهم معنويآ بانها نالت ووالديها بالمرض كرامة من الله ليختبر صبرهم وعطاؤهم وليبلغوها ان العقل والفكر لديها هو الاساس طالما تحمل فكرآ نيرآ واضفت له القول انها تحتاج وقفتكم معها باستمرار ودعمها معنويآ وفكريآ حتى تحل القناعة بالقضاء والقدر لتكون منبع للعطاء اكثر من غيرها وستكون افضل بكثير بصبرها وستتعود ان ذلك امر يسير وسهل حباها الله به ليعوضها بكرامات اجل وافضل يفتقده اصحاب التنمر وعديمي الاحساس ثم اضفت للأب تجربتي انني نشأت باعاقة باحد الاطراف منذ السنة الاولي بعمري فادركت انني لا احسن المشي مع الصحاح ولا استطيع ممارسة حياتي بالشكل الذي اراهم يتمتعون به اقراني ليس ذلك فقط بل اصبحت اعاني من نظرة الشفقة والتنمر التي تقتلني طفلآ ثم شابآ من الآخرين كبار وصغار حينما يتابعون مشيتي ويضيفون بقولهم ياللحسرات على هذا الطفل ثم هذا الشاب .!

بعفويتي وعدم ادراكي كانت الشفقات تضربني في مقتل حتى كنت اعتزل الكثير وامكث وحيدآ اندب حضي .!

اثناء مرحلة الثانوية بدأت اقتنع بالوضع بان ذلك قدري بل قرأت عن اولاءك الابطال من اهل الكرامات وادركت انني املك كرامة من ربي فقد فضلني على الملايين بما هو خير بل اصبحت من اهل البطولات والمشاركات المميزة بنادي ابها للاعاقة الحركية وقبلها قُدر لي التوفيق من ربي بان منحني أب وام ليس اعظم منهما فقاما بتربيتي ومرعاتي ودعمي بكل الجهود حتى ساقني التوفيق لنيل مناصب لم تتحقق للصحاح ومراتب ادارية مميزة وقيادة إدارة عامة في قطاع حكومي هام .!

لا اقول ذلك تزعمآ بالفخر والأنا ولكن لاثبت ان الاعاقة في الحقيقة هي هبة وكرامة للمؤمن القوي وليست عائق طالما الشخص يتمتع بعقل وفكر من رب العباد بل تكون عطاء واختبار وقدر لمن يمنحهم اياها ربهم فيتجاوزون معنى الاعاقة الى معنى الحب والكرامة والرضى بالقدر .!

احدى قريباتي تعمل في احد المراكز لاعاقات مختلفة فتقول انني ارفع كل الشكر والتقدير والوفاء والعرفان لامهات يرافقن ابناؤهن وهن في سن كبير ويتمتعن بالسعادة حينما يرون ابناؤهن يمارسون السعادة والراحة والطمأنينة ويمارسون الحياة بشكل طبيعي وفق قدراتهم .!

رسالتي موجهة بوجة خاص لمن منحهم الله بطفل او طفلة او اكثر ويحمل اعاقة بان ذلك كان اختبار ومنحة يمنحها الله لمن يشاء وحتى بعض الانبياء عانوا من ذلك مثل نبي الله يعقوب حينما كُف بصره ولم يقدح ذلك في نبوته ونبي الله موسى حينما قال:

وأخي هارون هو أفصح مني لسانا.

فلنحسن جميعآ معاملة كل ذو حاجة ونقص ولندعمه بكل الطاقات المعنوية والحسية ليدرك ان ذلك فضل اتاه الله وان العمر يمضي بعجل والموعد عند عزيز مقتدر لترتاح فيه النفوس المُتعبة لتكون عند الله نفوس راضية مطمئنة.!

شاهد أيضاً

نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام يتطوع ليكون مسؤول المالية

بقلم الكاتب/ عوض بن صليم القحطاني أشار القرآن الحكيم إلى نماذج من تطوع نبي الله …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com