عسير صحيفة عسير الإلكترونية
بقلم / سميه محمد
لماذا يستغل البعض الإعلام في محاولات عديدة و مكررة لتشويه تاريخنا بهذه الصوره البشعة والتي تكاد تكون مسيئه إلينا كعرب و مسلمين ؟!
عن طريق بعض مسلسلات أحداثها مبنيه على السرقات من هنا و هناك ، ولا أساس لها من الصحة في أي ناحية من النواحي ..
فتجد معظم المسلسلات عبارة عن ملهى ليلي كله انحطاط و بعيد كل البعد عن القيم و الأخلاق ، كذلك فيه خدش للحياء ، وليس هناك مرعاة للذوق العام و مشاعر الناس ..
من المسؤول عن كل هذا ؟!
جبال من الكذب ، وبحر من التفاهة ، لايوجد هدف و ليس هناك محتوى ، و المشكلة دمار و خراب لعقول اجيالنا ناهيك عن التقليد الأعمى ..
فأن كنت سأختار مسلسل ( معاوية ) و أقول به رأي كمشاهدة ومحبة للتاريخ فأني أتسآل هل كان منعه في السنوات الماضيه مجرد خطة تسويقيه وأعلان لجذب الناس و حثهم على مشاهدته ..
لأنه في النهاية تم عرضه و مع الأسف ماهذه الجرأة في تغير الأحداث التاريخية و الأدهى أنهم تلاعبوا في سيرة نبي و صحابة فقد مسحت معظم أعمال الصحابة و نسبت إلى معاوية فجعلوا كل شيء في ذلك الزمان و أزمنه اخرى عملها معاوية ..
نحن لسنا ضد معاويه فهو كاتب للوحي وصحابي جليل ولكن نريد معاويه كما هي سيرته دون زيادة أو نقصان ..
فمثلاً في (١٣) من رمضان لعام (١٦) هجرية يصل الخليفة عمر بن الخطاب إلى الشام ليتسلم مفاتيح المقدس بعد معارك ضارية خاض غمارها المسلمين لفتح ديار الشام ، وفي نهاية حصار القدس طلب البطرياك صفرونوس من قائد المسلمين أبوعبيدة الجراح هدنة و عرض عليه الإستسلام شريطة أن يأتي الخليفة عمر بن الخطاب لضمان سلامة السكان .
وافق أبوعبيدة على الشرط وسافر عمر بن الخطاب إلى القدس و كتب عمر عهداً لأهلها يؤمن أرواحهم و أموالهم عرفت باسم ( العهدة العمرية ) وفيها ضمانات الحرية المدنية و الدينية و الإقتصادية للمسيحية في مقابل الجزية ، و قد وقع عليها عمر بن الخطاب نيابة عن المسلمين ، و شهد عليها خالد بن الوليد ، و عمروا بن العاص ، و عبدالرحمن بن عوف ، و معاوية بن أبي سفيان .
وظلت مدينة القدس منذ ذلك الحين تحت حكم الدولة الإسلامية حتى جائت الحملات الصليبية في أواخر القرن الثاني عشر و عبر القرن الثالث عشر ..
مسلسل معاوية أخفى قائد المسلمين أبوعبيدة الجراح الذي تقابل مع البطرياك و اتفق على شرطه و أرسل إلى عمر بن الخطاب ، كذلك أخفى المسلسل جميع الشهود الذين شهدوا على المعاهدة و الذي كان من بين الشهود معاوية .
مما لاشك فيه أن معاوية كان شاهد بينما مسلسل معاوية جعله هو القائد الذي صالح و أرسل و شهد .
فأين ذهب الجميع ؟!
كيف تحورت الحقائق ؟!
واختفت الأحداث التاريخية بما فيها شخصيات الصحابة الذي من المستحيل ان ينكر أحد تواجدهم .
حتى أن بلال بن رباح كان موجود عندما طلب منه عمر بن الخطاب أن يؤذن فرفض بلال بقوله :
لا آذان بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فرد عليه عمر :
لوكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حياً لطلب منك ان تؤذن .
فماذا بوسعي أن أقول :
(( انما أشكو بثي و حزني إلى الله )) .
هناك مشهد في المسلسل جعلوا معاوية يستغرب من احاديث قالها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
و هو يقول :
هل الرسول صلى الله عليه وسلم قال ذلك ؟!
معاوية بن أبي سفيان كاتب الوحي قوي الذاكرة يسأل و يستغرب عن احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم .
كبيرة في حق كاتب الوحي معاوية ..
عندما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان الماء العذب قليل ولا يشرب من بئر رومه إلا بثمن فدعا الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة و حثهم على شرائه بقوله :
( من يشتري بئر رومه فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين يخير له من الجنة ) .
ليبادر عثمان بن عفان بشراء نصفها
( بمئة بكرة )
و جعلها للمسلمين ، و عندما رأى صاحب البئر ذلك و قد كان من اليهود انه لم يعد يرزق منها كما السابق باع نصيبه منها لعثمان فتصدق بها كلها .
ابعد كل ذلك نرى في مسلسل معاوية عثمان بن عفان يصرخ و هو يمن و يعير المسلمين انه اشترى بئر رومه لهم .
ياترى من زوروا في هذه الاحداث و تجرئوا على الكذب على صحابي مبشر بالجنه لقبه ذي النورين لزواجه من أبنتا الرسول صلى الله عليه وسلم .
هل يعرفون معنى ان الملائكة تستحي من عثمان بن عفان لشدة حيائه و عفته و سخائه و كرم أخلاقه بالتأكيد لا يعرفون ..
حتى بت أقول في نفسي هل هذا المسلسل من تأليف شركة أجنبية من الغرب قد تكون بريطانيا أو أمريكا ؟!
فضيع مافعله هذا المسلسل حتى الملابس التاريخية قاموا بتشويهها فلبس الرجال تصاميم تركية ، و لبست النساء من تصاميم العصر الحديث لمصممين فرنسين ..
تجد أحداث غريبة و مشاهد مستوحاه من قصص ألف ليلة و ليلة عندما تقص شهرزاد للملك شهريار ..
ثم احداث أغرب مأخوذه مسلسلات تركية سواء كانت تاريخية او دراما ..
و هناك أحداث ظاهرة و مشاهد مؤخذه من المسلسل الأجنبي الذائع الصيت صراع العروش ..
أيضاً مشاهد كثيرة مأخوذه من أحداث تاريخية لمحمد الفاتح ( فاتح القسطنطينية )
و أحمد الله أنهم لم يسترسلوا في كثرة أخذ المشاهد المستنسخة حتى النهاية و إلا أصبح معاوية هو ( فاتح القسطنطينية ) ..
أمر غريب بحق أن يشوه تاريخنا بهذه الطريقة المخزية و كأنه لايوجد لدينا تاريخ حتى نسلب تاريخ غيرنا بشكل مخجل ..
هل نجح الغرب في محاولات تغير تاريخنا و في المقابل يصبح تاريخهم هو التاريخ المشرف الذي يفخرون به و بهذا أنقلبت الموازين .
تاريخ الأسلام و العرب الذي هو مضرب المثل في الرحمة و العدل و الشواهد كثيرة في كل مكان في اي دولة فتحها المسلمون انتشرت فيها محبة الأسلام و أحترامه ، كذلك محبة العلم ، أضافة إلى إزدهار الحضارة ، و بناء المباني التي تعتبر قمه في العمارة الفنية ..
كل بقعة من الأرض دخل إليها المسلمون و أستوطنوها تركوا فيها بصمة مشرفة .
وهل يستطيع أحد ان ينكر مافعله المسلمون في الأندلس من حضارة و عمارة لم تنتهي ولازالت باقية و حديث كل زمن و جيل رغم مافعله الغرب المسيحين فيها من تدمير معظم المباني وحرق الكتب و تحويل المساجد إلى كنائس .
وباختصار حتى يكون الكلام السابق مفهوماً .
كان اخر معقل في الأندلس هي مملكة غرناطة التي ظلت تقاتل لمدة عشر سنوات
( 1482_1492)
أنتهت بالإستسلام في
(25) نوفبر / تشرين الثاني ( 1491 )
و توقعت المعاهدة فتفرق ملوك غرناطة و توحدت أهم دولتين مسيحيتين ضد المسلمين هما مملكة قشتالة و مملكة أراغون
لذلك قاما حاكماها فرناندوا و إيزابيلا اعظم ملوك إيبريا (16) أكتوبر / تشرين الأول
أن عقدا زواجاً سياسياً أنهى عقود من التنافر بين قشتالة و أراغون موحدين قوتهما في مواجهة محاصرة المسلمين في الأندلس ،
حوصرت غرناطة حتى وافقت على التسليم ووقعت معاهدة تسليم غرناطة
(25) نوفبر / تشرين الثاني (1491)
اقرت ( 67 ) بند منها أنها تضمن الحقوق الدينية و حرية التنقل و التجارة و إلا يطرد المسلمين و يخرجوا من ديارهم ..
وبعد أقل من شهرين كانت نهاية غرناطة الفعلية و السقوط المحتم .
( 2 ) يناير / كانون الثاني ( 1492)
حيث سرعان مانكثا فرناندوا وايزيبلا بنود المعاهدة ..
ففرض التحول إلى المسيحية (1499)
ونصبت محاكم التفتيش المرعبة و التي كانت عنوان للتعذيب و الأغتصاب و السلب و النهب و القتل
( 1478_1834 ) .
أضافة إلى إحراق الكتب الأندلسية ، و حضرت اللغة العربية ، و حولت المساجد إلى كنائس و مكاتب رسمية للدولة .
فمسحت الهوية الأندلسية وطرد ( المورسكيين ) و تعني المسلمين و هجروا قصراً ..
و على حطام الأندلس و المجازر العرقية و التعصب الديني و كراهية الأسلام انطلق كريستوفر كولومبس أغسطس/ آب (1492)
ليكمل المجازر و القتل في قارة جديدة ..
ومن سخرية القدر أنه يتم سنوياً احتفال في أسبانيا بنهاية الأندلس وبداية أسبانيا ، و هناك من يعترض على هذا الإحتفال لأنه يعتبر بداية لإبادة جماعية و مجازر بشعة و تصفيات عرقية لانهاية لها ..
كذلك يقام سنويا في أمريكا إحتفال لكريستوفركولوبس تكريماً له لأكتشافه القارة الجديدة امريكا ، وأيضاً يوجد معارضين لهذا الإحتفال لأن كولوبس في نظرهم مجرد شيطان قاتل تسبب في قتل الكثيريين من السكان الأصليين لمجرد أنهم لم يخضعوا له و دافعوا عن حقوقهم على أرضهم بكل مالديهم من طاقة و قوة ..
فإن كان بعض المؤرخين الأجانب يكتبون الحقيقة عن العرب بأمانه ومن غير كذب و تدليس ، ثم ترى بعض العرب يكذبون على التاريخ مع تغيره بطريقه لايقبلها محب للتاريخ و يعرف جيداً ماهي حقيقة الأحداث التاريخية ..
كيف تصرف أموال طائلة و تهدر جهود و طاقات بشرية و تستخدم أدوات و أجهزة متطورة لمحاولة تدليس تاريخنا .
كثيرة هي الأفلام التي قام بأنتاجها الغرب و القصد منها كراهية العرب و المسلمين بل و احتقارهم و النظر إليهم كخطر داهم يجب التخلص منه .
لسنوات طويله كان الغرب يصف العرب بالجهل و الهمجية و انهم متخلفون بالفطرة أضافة إلى الوصف المتداول عليه العالم الثالث او العالم النامي ..
و كل مامرت السنوات تفتحت العقول و بدأت الأسئلة و ظهرت الأجابات و تكشفت بعد ذلك الحقائق التي كانت مخفيه ..
فالعالم أصبح قرية صغيرة فقد تعامل معظم الغرب مع العرب في أمور كثيرة كالتجارة ، و العمارة ، و الصحة ، كذلك في مناسبات و احتفلات الأعياد ، و إقامة المؤتمرات ..
وعرف الناس طيبة العرب عن قرب و جمال التعامل معهم ..
فلم يجد أعداء الإسلام إلا الأفلام كي يهزوا الصورة الجديدة و الجميلة للعرب .
فتجرؤا على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ليخدعوا الناس ظناً منهم انهم سيتمكنون من ذلك مثل أجدادهم في الأزمنه الغابرة لكن في النهاية أحترق كل من شارك في هذه الخطيئة في نار الدنيا قبل نار الآخرة وبعد فضيحتهم أختفى من تبقى منهم كالفئران في جحورهم .
ثم تخرج تلامذتهم بعد عدة سنوات و من غير خجل يقومون بعمل فيلم عبارة عن قرود ترتدي الدروع العربية و تمتطي الخيول و المقصود بها صلاح الدين الأيوبي و جيوشه .
يعيشون في كوكب بعيد عن الأرض أستطاع بعض من رواد الفضاء ان يصلوا إليهم بمركبة عن طريق الصدفة فيقعون في الأسر تحت قهر القرود ، ووجدوا ان هناك بشر مثلهم و قبلهم يعانون من القرود البشرية اكثر منهم ، و يحاولون الهرب مرات عدة دون جدوى ، في نهاية الفيلم أستطاع واحد من رواد الفضاء الذي جاء بالمركبة ان يهرب بنفس المركبة و يعود إلى الأرض ليجد القرود البشرية قد احتلوا الأرض أيضاً تعبيراً عن فتح المسلمين لمعظم دول العالم ..
مع الأسف هذا الفيلم يعرض في معظم القنوات العربية ، وله إنتشار واسع ، وكثير من العرب يشاهدونه ويزيدون من قيمته بهذه المشاهدة مع أنه يسيء للعرب و المسلمين بشكل فضيع و فاضح ..
و الضربة القاصمة ان هناك من العرب من يعرف معنى الفيلم و على الرغم من ذلك يشاهده دون أي أكتراث ..
فإن ابتعدنا لتفكيرنا عن الغرب فهناك من العرب من هم أشد خطر من الغرب لأنهم منا وإن كانوا لا يمثلوننا فهم ينتمون إلى الخيانة اكثر من الوطنية ..
فسوف يسيئون إلينا في جميع الأحوال فمنهم من قام بإنتاج فيلم عن المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية ، و أسائوا إليه بكل و قاحة لكن سيرة هذا الرجل و أعماله العظيمة كفيلة بالدفاع عنه قبل حكام السعودية و شعبها عنه .
فكلما زادت النار أشتعال على أنواع البخور فاحت منه أجمل الروائح .
و لأن هذا الفيلم دسيسة و هناك أيدي خفية و قذرة ورائه فكله كذب و تلفيق و بشاعة فلم يهتم أحد بمشاهدته فخسر كل من فيه على جميع الصعد مادياً و معنوياً ..
فكم من الغباء نستطيع أن نقيسه على هؤلاء السذج .
المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود بنى دولة على عاتقه أمن على الحدود ووضع القوانين ، أقام الدين الأسلامي و حكم بشريعته ، و ضع الخطط و درسها و نفذها لذلك ظلت مملكة السعودية قائمة حتى الآن بقوتها و كأنها رجل شاب لايشيخ و لا يموت ..
وهذا مايفزع اعدائنا و يقلق منامهم فعسى أن يموتوا بغيضهم .
بالفعل المؤسس الملك عبد العزيز فعل أمور عظيمه وكان جل مايفكر فيه هو أن يعم الخير على الجميع سواء في السعودية او خارجها . من المستحيل أن يفهمه أعدائنا فعقولهم أصغر من أن تستوعب كل عظمته و سموه مع عقليته التي لا تعرف إلا البناء يزينه قلبه الصافي لذلك كتب على أعدائنا أن يعيشون مع احقادهم علينا حتى تحترق قلوبهم و تتسمم حياتهم و تدفن أجسامهم و هي حيه بالقهر و الحسد ..
المؤسس الملك عبد العزيز بقيت و عاشت سيرته المشرفة ، و بقى حكمه في دولته الشامخة تتناقله أولاده جيل بعد جيل ، و بقى شعبه الذي لا فرق بينهم و بين حكام آل سعود ..
المملكة العربية السعودية ستبقى ستبقى و ستبقى دولة حرة و قوية و محصنه رغماً عنكم .
أما أنتم أيها الأعداء أصحاب الفتن و الجماعات المتفرقة و القلوب المشتتة فلا ذكرى لكم غير بصمات قذرة سوداء على عتبات صفحات التاريخ …
كلمة أخيرة :
هناك من لا يعرف التاريخ و يجهل بعضه ولكنه يبحث كيف يعرفه على حقيقته .
ثم يأتي البعض محاولا كسر أمجادنا و تلفيق الأكاذيب و تأليف القصص الواهية التي هي أوهن من بيت العنكبوت ..
و لابد أن يتيقن الجميع أن التاريخ لا يتغير و لايتبدل ، و لا يدلس و لا يزيف .
التاريخ هو عين الحقيقة و الشمس التي لا تغيب فمهما كذب الأعداء و الخونه والمنافقين و اصحاب الفتن مهما كذبوا على التاريخ فالتاريخ هو المنتصر دائما و النور الذي لاينطفيء ..
خابت امالكم و فشلت مساعيكم في محاولات متكررة ومملة لتشويه تاريخنا العربي و الأسلامى و سيبقى تاريخنا تاج على رؤسكم يجب ان تنحنوا إليه أحتراماً فمهما حاولتم أن تزيفوا تاريخنا فلن يزيف فالذهب يظل براقاً لامعاً حتى وان كان في وسط رمال الصحراء بلهيب شعاع الشمس الحارقة التي تتوسط في كبد السماء ، و يظل أصيلاً حتى و إن توالت عليه السنوات ..
و ستظلون ايها الأعداء تخافون من تاريخ العرب و المسلمين لذلك أنتم تحاولون تزيفه بشتى الطرق الملتوية و لكنكم على الدوام لا تفلحون ..
تاريخنا هو الأقوى
أيامه تتجدد
و كلماته لا تمحى
و أبطاله نجوم في السماء تظل تنير ولا تنطفىء
و قيمته ثمينه لا تقدر و لا تتكرر .
