
بقلم / علي سعد الفصيلي
لم أتمالك نفسي للبقاء ولو دقيقة واحدة داخل أحد المجمعات التجارية السعودية، عند مروري أمام إحدى المقاهي العالمية المشهورة، فإذا بأصوات موسيقية صاخبة بشكل هائل، يصاحبها تراقص خفيف يؤديه أحد موظفي المحاسبة مع ابتسامة يبعثها بنظرات لطيفة فيما يبدوا لزميلته كونها الوحيدة التي تقف إلى جانبه، نبهت الشاب بلطف إلى مخالفته لنظام البيئة وإمكانية التبليغ عنه، لكنه لم يعر ذلك أي اهتمام، خرجت من المجمع التجاري وأبلغت وزارة البيئة ولا أعلم ما الذي حدث بعد ذلك.
ومثل هذا المشهد أصبح يتكرر في عدد من المجمعات التجارية، حيث لا تزال بعض المقاهي والمطاعم تمارس ضوضاء الموسيقى الصاخبة بصوت مرتفع ومزعج، دون مراعاة لراحة المتسوقين والمارة داخل تلك المجمعات، وربما دون تصريح رسمي من المركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي، وفضلًا عن كون هذه التصرفات مخالفة للتعاليم الدينية وللنظام والذوق العام، فإنها قد تكون سبباً في نفور المتسوقين من تلك المجمعات وهو ما قد يؤدي إلى تراجع النشاط التجاري الذي يعتبر رافداً مهماً للاقتصاد الوطني.
ولم تغفل وزارة البيئة والمياه والزراعة عن مجابهة مثل هذه المخالفات، فقد أصدرت اللائحة التنفيذية للضوضاء بموجب المرسوم الملكي رقم (م/156) بتاريخ 19/11/1444هـ، التي تهدف إلى تنظيم مستويات الضوضاء في البيئات العمرانية والصناعية والتجارية، بما في ذلك المنشآت الترفيهية والمقاهي، حيث وضعت الوزارة تعليمات فنية وشروطاً تنظم مستويات الصوت المسموح بها، مع اشتراط الحصول المشابهة، إلى جانب أخذ التعهدات النظامية من طالبي التصاريح للحد من أي تجاوزات قد تُلحق الضرر بالآخرين، وقد فرضت اللائحة على المخالفين غرامات تصل إلى 30 الف ريال، حسب نوع المخالفة ومدى تأثيرها وتكرارها.
ولضمان الامتثال وتطبيق هذه الأنظمة، أتاحت الوزارة للمتضررين من الضوضاء فرصة الإبلاغ عن أي تجاوزات، عبر توثيق الحالة بأي وسيلة ممكنة وإرسالها إلى موقع الوزارة.
وتأتي هذه الجهود التنظيمية ضمن الإطار العام لرؤية السعودية 2030، التي تسعى إلى تحسين جودة الحياة في السعودية من خلال إيجاد بيئات حضرية متوازنة وصحية، تراعي راحة الإنسان وتحترم خصوصيته، وتحقق التنمية المستدامة التي تُشكل أساساً لتقدم المجتمعات واستقرارها.
عسير صحيفة عسير الإلكترونية