
بقلم: طارق مبروك السعيد
في خضم زحمة الحياة وضغوطها المتراكمة، يشعر الإنسان أحيانًا بأنه محاصر وسط صخب لا يهدأ وهموم لا تنقضي. تمضي الأيام مسرعة، نركض خلفها مثقلين بالتعب، باحثين عن لحظة سكون وموطئ قدم نضع عليه أوجاعنا، ونتنفس فيه شيئًا من السلام.
تغرقنا الحياة بالضجيج والفوضى، ويسهل أن نُنهك من متطلباتها المستمرة، والالتزامات الاجتماعية، وسيل الإشعارات المتواصل، كفواتير الكهرباء المرهقة، خصوصًا في هذه الأجواء الحارة، هذا بالإضافة إلى منغصات الحياة اليومية كالمرور وغيرها.
لكن السلام ليس دائمًا بعيدًا، بل غالبًا ما يكون قريبًا، مختبئًا في أبسط اللحظات. لقد لمستُ هذه الحقيقة مؤخرًا، وتذكرت جمال الحياة وسكينتها في تفاصيلها الصغيرة.
أفسحت لنفسي المجال لاختيار مكان مناسب لبث همومي واستعادة راحتي، فوجدت في شاطئ البحر ومشاهدة أمواجه المتلاطمة ملاذًا.
مجرد الجلوس أمامه يكفي لتهدئة الخواطر وتلاشي الهموم، ففي حركة الأمواج المنتظمة وأصواتها المتكررة ما يتيح للعقل الاسترخاء. هناك، على الرمل الهادئ، نسترجع ذكريات الماضي، ونتأمل مخلوقات الله من حولنا، فنشعر بآيات الجمال والإبداع. النسيم العليل، وصوت الموج المتكرر، كأنهما يهمسان لنا: “اهدأ… فكل شيء سيمضي”.
في تلك اللحظات، نستبدل صخب الحياة بسكينة، والتوتر بطمأنينة. إنها استراحة مؤقتة، لكنها كافية لتجديد الروح وشحن القلب باليقين، ومحطة نعيد فيها ترتيب أفكارنا، ونرمم ما تصدع في دواخلنا. هكذا هو البحر…
وهكذا هي الخلوة الصادقة مع النفس. فيها استكنان وصفاء وراحة لا يمنحها إلا البعد المؤقت عن مشاغل الحياة وضجيجها.
حفظنا الله وإياكم من كل مكروه وأبعد عنا وعنكم هموم الحياة.
عسير صحيفة عسير الإلكترونية