
بقلم / فهد مرزوق
في زمن باتت فيه القلوب مرهقة، والأرواح مثقلة، يظل “جبر الخواطر” من أرقى صور الإنسانية، ومن أعظم القربات إلى الله. هو عبادة لا تحتاج إلى وضوء، ولا تستوجب القيام، بل يكفي أن تُنصت، أن تبتسم، أن تقول كلمة طيبة، أن ترفق بموجوع، أو تمد يدك لمن كُسِر قلبه.
قال النبي ﷺ: “من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة”، وهذا أعظم ما يكون من جبر الخواطر.
جبر الخواطر لا يُشترى، ولا يُطلب، بل يُمنح من قلب نقي، وشخص يمتلك إنسانية حقيقية. قد تكون كلمتك، أو احتواؤك، أو حتى سكوتك عن اللوم، سببًا في زرع النور في قلب أحدهم.
كم من روح تائهة أعادتها كلمة لطيفة؟ وكم من حزن عميق خفّف منه احتضان صادق أو ابتسامة داعمة؟
إننا اليوم، في حاجة ماسة لأن نُعيد لجبر الخواطر مكانته. لنكن لطفاء، ولنختار كلماتنا برفق، فربما نكون طوق نجاة لا ندركه.
جبر الخواطر لا يضيع عند الله، فهو عبادة عظيمة قد يفوق أجرها كثيرًا من العبادات.
وقد قيل: “لَا تَحقِرنّ من جبر الخواطر شيئًا، فربّ كلمة طيبة تُحيي قلبًا وتزيل همًّا وتُدخل السرور على نفس أرهقها الحزن.”
وفي الأثر:
“لَأن أمشي مع أخي في حاجة، أحب إليّ من أن أعتكف في المسجد شهرًا” – رواه الطبراني، وفيه جبر خواطر عظيم.
فازرع طيب الكلام، وكن بلسماً للجراح، فالله يُحب من عباده من يُداوي الأرواح، ويفرج الكرب، ويزرع الأمل في النفوس.
كن أنت النور في حياة الآخرين، ولو بكلمة.
اجعلوا جبر الخواطر منهج حياة، فالله يجبر من يجبر غيره، ومن سار بالخير، بلّغه الله خيرًا لم يتخيله.
عسير صحيفة عسير الإلكترونية