تشويه وجه العروس

بقلم الكاتب / لاحق بن عبدالله : الشبارقة

كنت أجلس قرب شجرةٍ وارفة الظل أستمتع بالهواء النقي وصوت الطيور والسحاب يعانق.قمم الجبال

في مشهدٍ اقرب للخيال منه للحقيقة

فجأة، رأيت رجلاً مسنًا يحمل كيس نفايات ويجمع بقايا طعام ومعلبات ومخلفات رماها آخرون قَبّله. اقتربت منه وسألته: “يا عم، لماذا تفعل هذا ؟”

فقال بهدوء: “هذه أرضنا، وهؤلاء ضيوفها… وإن لم نُكرم أرضنا، لن يُكرمها أحد.”

هنا أدركت أن الجمال ليس فقط في الطبيعة، بل في وعي الناس أيضاً.

رجلٌ طاعن في السن ارتبطت جذوره بالمكان ابتسمت له بإجلال، وراقبت خطواته المتثاقلة وهو ينحني ليجمع قطعة أخرى من النفايات، كأن كل حركة منه تحكي قصة حب قديم بينه وبين هذا التراب.

نظرت حولي، فرأيت ملامح الارتباط عميقة هُنا:

أشجار العرعر التي اعتاد أن يستظل تحتها منذ صغره، صوت الشلال القريب الذي لطالما رافق

خطواته ، رائحة الأرض بعد المطر التي تختلط في ذاكرته بضحكات أهله وأصدقائه .

حدثني بعد لحظة صمت، وكأنه يسترجع شريط عمره: “زمان، كنا نجي هنا نلعب حافيين، نحمل معنا بس حب المكان، ما كنا نترك ورانا غير الأثر الطيب…

اليوم، يجون الناس يصورون، يضحكون، ويخلّون وراهم أكوامًا من الأذى.”

أدركت أن المكان ليس مجرد منظر جميل نلتقط له صورة ثم نغادر، بل هو روح تسكن أهله، وذاكرة تحتضن طفولتهم، وكرامة وهوية لا يجب أن تُداس.

وأنا أغادر المكان، كان صوت العصافير لا يزال يغني، كأنها تشكر ذلك الرجل المسن…وتشهد أن في الأرض أناسًا، ما زالوا يحبّونها بصدق.

كلمتي لكل من يزور هذا الجمال:“أيها الزائر( لعسير)

تمهّل، فهذا المكان ليس لك وحدك.

لا تترك خلفك إلا أثرك الطيب، واحترم مشاعر من عاشوا هنا، وتنفسوا هوائه منذ سنين.

لا تطفئ صوت الطيور، ولا تعكّر صفو الماء، وجمال المكان ولا تنسَ أن الأرض لا تكرم إلا من يكرمها

شاهد أيضاً

نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام يتطوع ليكون مسؤول المالية

بقلم الكاتب/ عوض بن صليم القحطاني أشار القرآن الحكيم إلى نماذج من تطوع نبي الله …

تعليق واحد

  1. أ. تحياتي
    كأنما الأورق الغريد حين شدا
    في سربه الإنس منها شارب فكه
    شارفت ساحاتها في فتبة ألفوا
    صدق الوداد فلم تعرض لهم شبه
    موقرون كرام لا يخف بهم
    طيش ولم يجر في أخلاقهم سفه
    من كل ماضي الشبا والروع محتدم
    و مستني الحجز والأمر مشتبه
    إن حددثوا ملأوا الأسماع من أدب
    هم أهله و إذا ما أنصتوا فقهوا
    شربنا صفو ماء لا يمازجه
    إلا حديث كنوار الربى نزه
    فإن يكن في عفاف النفس محمدة
    لها ففي مثل هذايحسن الشره
    محمود سامي البارود – رحمه الله تعالى.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com