مَهْرُ المجد

بقلم ✍️الكاتب : لاحق بن عبدالله:الشبارقة

في أبها، عروس الجنوب، حيث تمتزج السحب بعطر الورد وتتمايل القمم طربًا لنسائم المجد

هناك في حي الضباب،

كانت لأمانة منطقة عسير

خطوة ليست كغيرها في تجميل العمران بل كانت قصيدة مرئية،

ورسالة محفورة في وجدان المكان.

لقد اختارت أن تزين أحد ميادينها ببيت خالدٍ من عيون الشعر العربي،

يفيض عزةً وشهامة ،

وينبض بفروسية الكلمة

من شِعرأبي فراس الحمداني:

 

“تهون علينا في المعالي نفوسنا

ومن خَطَبَ الحسناءَ لم يُغلهِا المهرُ”

 

يا له من بيت،كأنه منارة ترشد الضائعين ،ووقود ٌيشعل في الأرواح رغبة التحدي.

فيه الكبرياء الجميل،والإصرار النبيل،

وذلك الإرتباط البليغ بين النفوس الشامخة والمهر الغالي،

فكلاهما يُبذل في سبيل غاية

سامية وسعيٌ كريم ٌللمعالي والأمجاد وكل ما هو نفيس وجدير .

 

لم تكن هذه المبادرة مجرد زينة تُضاف للعين بل كانت رُقيًا يُسّكَبُ في الروح.

إنها دعوة لأن نصغي مجددًا لصوت الشعرأن نستعيد المجد من معانيه والسمو من دلالاته

أن نتذكر أنه لا رفعة لمن لم يكدح ولا مجد لمن لم يعرق في سبيل الرفعة والكرامة.

كأن هذا الميدان يهمس لكل من يمُر به

“لا تركن للراحة، فإن المجد لا يسكنها”

 

تمامًا كما قال المتنبي:

 

“إذا غامرتَ في شرفٍ مرومٍ  فلا تقنعْ بما دونَ النجومِ”

 

—– وقوله —-

 

“ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحُفَر”

 

ما أروع أن تتزين الحجارة بالشعر ، وما أجمل أن تتوشح المدينة بأثواب الكلمة فتتنفس الذائقة العامة عبق الأدب الأصيل ، نَعَم يا لجمال الفكرة، ويا لرفعة الرسالة

وقفة إجلال

نقف فخورين أمام هذه اللفتة الحضارية التي نسجتها أمانة منطقة عسير بخيوط الفكر الرفيع والفن الراقي.

لم يقتصر عطاؤهم على تجميل المكان بل أضافوا إليه هالة من الروح وربطوا بين تخليد القصيدة وجمال المكان

 

هذا البيت لم يُكتب ليُنْسىٰ بل نُقش ليُلهِم

وها هو يهمس لكل من يتأمل فيه: “إن أردتَ العُلا فأبذل نفسك ولا تَهابْ الصعاب.”

 

ليت هذه المبادرة تنتقل إلى سائر ربوع الوطن.

فكل مدينة تستحق أن تتزين بحروف القصيدة، أن تُطرز ساحاتها بأبيات المجد أن نعيد للحرف مكانته وللشعر مجده وأن نُشّرِك أبناءنا في ميراثٍ لغوي لا يُقدّر بثمن.

 

الشعر ليس ترفًا، بل هو الذاكرة الحية والصوت الذي لا يشيخ والعطر الذي لا يزول.

 

كل الشكر لمن آمن بأن للشعر مكانًا على الرمال والحجر، وبين الشارع والضوء

وكل الامتنان لمن أعادنا إلى جذورنا وذكّرنا أن الكلمة قد تساوي وطنًا وقد تُحيي أمة.

 

فليكن لكل ميدان بيت ولكل زاوية معنىً ولكل حجر حكاية، ترويها القصائد وتُخلّدها النفوس والأماكن،والذاكرة

شاهد أيضاً

نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام يتطوع ليكون مسؤول المالية

بقلم الكاتب/ عوض بن صليم القحطاني أشار القرآن الحكيم إلى نماذج من تطوع نبي الله …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com