عبد الله ناصر معلوي… بصيرة الطموح التي لا تنتهي

الكاتب:✍️لاحق بن عبدالله : الشبارقة

في زمن تتعدد فيه التحديات وتتشابك الطرق، يخرج إلينا بين الفينة والأخرى أشخاص يثبتون أن الإرادة الإنسانية قادرة على صنع المعجزات. ومن هؤلاء الملهمين يبرز اسم عبدالله ناصر معلوي آل معلوي، ابن منطقة عسير، الذي لم يعرف الاستسلام يومًا، بل جعل من فقدان بصره بداية لبصيرة أوسع ونور داخلي يضيء دروب النجاح.

 

فبعد أن أنهى مرحلة البكالوريوس، شاء الله أن يُصاب بفقدان البصر عام 1417 هـ. لحظة فاصلة في حياة أي إنسان، لكنها لم تكن نقطة توقف لعبدالله، بل كانت منطلقًا جديدًا لصياغة قصة مختلفة، قصة لا تُكتب بالحروف فقط، بل تُسطر بالصبر والإيمان والإصرار.

 

اختار أن يكمل دراسته العليا في مجال الإعلام السياحي، إيمانًا منه بأن السياحة جزء أصيل من رؤية المملكة 2030، وبأن الإعلام السياحي نافذة للتعريف بثراء الوطن وجماله. لم ينظر إلى إعاقته كعائق، بل كقوة دافعة تجعله أكثر إصرارًا على أن يكون جزءًا فاعلًا في تحقيق الحلم الوطني الكبير.

 

ولم يقف طموحه عند مقاعد الجامعة؛ بل حمل شغفًا آخر في ميدان الرياضة، ليصبح أول لاعب كفيف سعودي ينضم إلى منتخب المملكة للدراجات. إنها صورة مشرقة لمعنى التحدي وتجاوز المستحيل، حين يبرهن الإنسان أن حدود الجسد لا يمكن أن تقيد حدود الروح.

 

يقول عبدالله: “كل ما حصل لي بعد الإعاقة كان خيرًا، وما اختاره الله لي هو الأنسب لي. العوض من الله دائمًا كبير، والإعاقة ليست عائقًا، بل مصدر قوة.”

بهذا اليقين الراسخ يسير، مؤمنًا أن الإنسان الذي لم تصقله التجارب ولم تمتحنه الابتلاءات، لم يتذوق بعد لذة الحياة ومعناها الحقيقي.

 

عبدالله اليوم لا يسعى فقط لنيل درجة الماجستير، بل يحمل في داخله آمالًا بعيدة المدى، يريد أن يترك أثرًا وبصمة تذكره بها الأجيال. إنه نموذج للشاب السعودي الطموح، الذي يُصر أن يكون حضوره إيجابيًا، وأن يثبت أن فقدان نعمة البصر لم يسلبه نور البصيرة، بل أهداه أفقًا أوسع للحياة.

 

إن قصة عبدالله معلوي ليست مجرد قصة شخصية، بل هي رسالة لكل إنسان يواجه عثرة أو ابتلاء: أن القوة الحقيقية تكمن في الإيمان بالنفس، وفي تحويل الألم إلى طاقة، والعائق إلى دافع، والخسارة إلى مكسب.

 

وستظل سيرته شاهدًا على أن العظماء هم الذين يكتبون تاريخهم بإرادتهم، ويزرعون أثرهم بكفاحهم، ليبقى ذكرهم خالدًا، سواء في حياتهم أو بعد رحيلهم.

شاهد أيضاً

2700 متطوع في كيان… هديل الغيلان: “التطوع هو صناعة أثر وتمكين مجتمع”

بقلم/ د. وسيلة محمود الحلبي يمثل “العمل التطوعي” قيمة سامية تتجاوز مفهوم العمل الخيري؛ فهو …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com