
بقلم / علي سعد الفصيلي
في عالم الطهي، يبرز الكثير، لكن القليل منهم يكتب قصة تتجاوز المذاق لتصبح مصدر إلهام كنموذج ملهم لجيل الشباب الطموح، وفي منطقة عسير يبرز الشيف السعودي إبراهيم بشاشة، الذي بدأ رحلته من بين جدران منزل تراثي قديم ومن أمام برميل تنور في حي “القابل”ليصبح اليوم أحد أشهر الطهاة في المملكة، وصاحب بصمة لا تُنسى في المطبخ التراثي العسيري.
كانت البداية بسيطة، لكنها دافئة، محاطة برائحة الخبز والدخان المتصاعد من التنور، عشق الأكل الشعبي منذ نعومة أظفاره، وبدأ يُجرب ويتعلم وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره. لم تكن لديه أدوات فاخرة أو مطبخ متكامل، لكنه امتلك الشغف والإرادة – وكان ذلك كافياً.
في مرحلة لاحقة، انتقل إلى مبنى حجري قديم كان فيما مضى مقراً لشرطة أبها، وحوله بلمساته الساحرة إلى مطعم ينبض بالأصالة ويقدم الأكلات الشعبية من كل منطقة سعودية. لم يكتفِ بالمكان أو بالتقدير المحلي، بل نقل مطعمه لاحقاً إلى موقع جديد أكثر اتساعاً وأناقة، ليُقدّم الأطباق التراثية بروح كلاسيكية تمزج بين الأصالة والحداثة.
اليوم يُعد مطعم إبراهيم بشاشة علامة بارزة في أبها، ولا يزال يشهد تطويراً وتوسعة ليواكب تطلعات الزوار ويعكس طموحه. لم يكن الطريق سهلاً، فقد واجه الكثير من الانتقادات والتحديات، خاصة حين قرر العمل بالزي الوطني السعودي داخل المطبخ، في خطوة كانت جديدة وجريئة في آنٍ واحد، لكنه واجهها بثبات واعتبرها فرصة لإبراز هويته والاعتزاز بجذوره.
بشاشة أيضاً نال اعترافاً رسمياً، حيث تعاون مع وزارة الثقافة وهيئة فنون الطهي لتوثيق “خبز الميفا” كأحد الكنوز الغذائية السعودية، كما ساهم في ابتكار مفاهيم إبداعية مثل “الباقة العسيرية” التي تمزج بين الزهور والموروث الشعبي.
كل ما حققه جاء نتيجة جهد ذاتي وتعب طويل، ما جعله رمزاً للشباب السعودي المكافح والطموح الذي لا ينتظر الفرصة بل يصنعها.
إبراهيم بشاشة قصة حية تهمس في آذان كل شاب: “ابدأ من حيث أنت، ولا تتوقف حتى تصل.”
عسير صحيفة عسير الإلكترونية