
بقلم / سميه محمد
عانت المرأة من العنف عبر العصور وأختلفت أشكال هذا العنف على حسب الدين و العرف و التعصب رغم أنها حملت على عاتقيها عن طيب خاطر و بقلب يملئه الحنان و الرحمة مسؤلية تربية جيل كامل وصناعة رجال و نساء أقوياء و أذكياء يساعدون في بناء مجتمعاتهم بكل ثقة و أمانة ..
هناك من النساء من أستسلمن تحت وطأة الظلم و القهر قتقبلن حياتهن التي تشبه الموت البطيء بقيود العبودية ، و حكم عليهم أن يعيشوا من أجل الكل إلا أنفسهن ..
وهناك نساء حاولن بكل جهدن و بكل ماأتين من قوتهن في سبيل الخروج من دوامة التميز والعذاب و الهرب منها بأقل الخسائر حتى يبدئن حياة جديدة في أماكن أخرى و مع أشخاص يقدرون قيمتهن ..
وهناك من النساء من تحقق حلمهن فقد أنتصرن على القهر و أصحابه بعد حروب طويلة و متعبة بالمواجهة و التحدي حتى تمكن من القضاء على القوانين الجائرة ليضعن هن بأنفسهن قوانين جديدة سينصاع لطاعتها الجميع ..
لقد صبرت المرأة على أنواع كثيرة من الظلم و لم تنصف حتى في الحضارات القديمة فعند الفراعنة كانت المرأة لاقيمة لها و لم تكن مساوية للرجل بل هي عبىء على الجميع ، وتكون المرأة مقدسة و في مرتبة الآلهة في حالة واحدة و هي أن تعتلي العرش و تبدأ بالحكم ووضع القوانين لمساعدة الدولة و الدفاع عنها و رفع أقتصادها و الأعتناء بشعبها ..
وفي الحضارة اليونانية كتب على المرأة أن تكون مجرد شخص يعمل للخدمة و جسد للمتعة فلم يكن لها حقوق في التعليم او أختيار الزوج أو ميراثها الشرعي ..
وفي الحضارة الرومانية كان الأب يفرض سيطرته على الأبنة ففي عرفهم هي ملك له من حقه أن يزوجها من يشاء أو يبقها عنده للخدمة ، و قد يصل الأمر به إلى بيعها في سوق العبيد أو النخاسة ..
أما في الهند الأسوء للزوجة عندما يموت زوجها لأنها تحرق معه أو تدفن حية بالقرب من جثته ..
أما في الجاهلية لم يكن للمرأة حقوق في التعليم وقد تعلم الجارية أما الحرة فلا ، ولم يكن لها حق في أختيار الزوج أو الميراث أضافة إلى العادة السيئة المتبعة عند البعض من العوائل و هي وأد الفتاة أي دفنها وهي على قيد الحياة بعد ولادتها مباشرة .
قلة قليلة من النساء العربيات كان لهن شأن و يحسب لهن القدر و القيمة ..
ثم بعث محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام فبدد ظلام الجاهلية والشرك بنور الحق و اليقين فكسر قيود الجهل و التعصب ، و جعل المظلومين و المستضعفين يتحررون من الخوف و الأستعباد ، ونشر العدل و المساواة ، وأوصى بالرفق على الكائنات الحية من نبات و حيوان والحرص على نظافة البيئة و الأرض اضافة الى زراعة مايصلح منها ..
وقد أجل الاسلام شأن المرأة و كرامتها فأصبح لها حقوق و رأي و كيان ،
ويكفي أن هناك سورة كاملة في القرآن الكريم وهي سورة النساء التي تتحدث عن حقوق النساء و مالهن و ماعليهن ،
كذلك سورة بأسم مريم تتحدث عن أم عيسى عليه السلام وكيف كان حملها وولاتدتها به ، وهناك أمثلة كثيرة عن النساء ذكرت في القرآن الكريم كموضع تشريف وكرامة مثل آسيا زوجة فرعون ، وبلقيس ملكة مملكة سبأ و غيرهن ..
وقد نهى رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عن الإسائة للنساء و أمر بمعاملتهن بالحسنى و الرحمة فقال في حجة الوداع :
( أستوصوا بالنساء خيراً )
كذلك قال صلى الله عليه وسلم :
( أكمل المؤمنين أيماناً أحسنهم خلقاً ، وخياركم خياركم لنسائهم )
ويقول صلى الله عليه وسلم :
( اللهم أني أحرج حق الضعيفين اليتيم و المرأة )
أي عاملوهما برفق و رحمة و لا تكلفاهما مالا يطيقانه و لا تقصروا في حقهما الواجب و المندوب ..
وأثبتت الرويات الصحيحة أنه قبل وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بأيام قليلة خرج على الناس وكان مريضاً بشدة و ألقى خطبة عليهم :
( أيها الناس ، الله الله في الصلاة ، الله الله في الصلاة )
بمعنى أستحلفكم بالله العظيم أن تحافظوا على الصلاة ،
و ظل يرددها إلى أن قال :
( أيها الناس ، أتقوا الله في النساء ، أوصيكم بالنساء خيرا )
فتعتبر هذه الكلمات هي آخر وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم ..
وقد راعت الشريعة الأسلامية الفروقات بين الرجل و المرأة و بناء على هذه الفروقات الجسدية و السيكولوجية وضع الإسلام الأطر التي تحكم علاقة المرأة بالرجل أو علاقة الرجل بالمرأة و حدد حقوق كل منهما وواجباته تجاه الآخر ..
كما أكد الإسلام على المساواة في الحقوق بين الرجل و المرأة منذ أمد بعيد إذ جاء في سورة الحجرات
آية ( ١٣ ) :
(( ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير )) .
فيبين القرآن أن لا فضل للرجل على المرأة أو المرأة على الرجل إلا بالتقوى و العمل الصالح ..
يذكر أن الأعلان التاريخي الذي أعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة ..
فيما يتعلق بالمرأة وحقوق الإنسان والذي ينص على :
( يولد جميع الناس أحرار و متساويين في الكرامة و الحقوق )
قد أقر به في 10 نوفبمر 1948 ، مما يعني أن الإسلام قد سبق العديد من التشريعات العالمية المعاصرة في موضوع المساواة بين المرأة و الرجل بما لايقل عن ألف عام ..
ويقول عالم النفس الأجتماعي الفرنسي خوستاف لويون في كتابه حضارة العرب :
( فضل الإسلام لم يقتصر على رفع شأن المرأة ، بل نضيف إلى أنه أول دين فعل ذلك ) ..
ورغم أن الإسلام رفع شأن المرأة و أعطاها حقوقها إلا أن هناك فئات قليلة لازال كل مجتمع يعاني منها متمثلة في فرد أو جماعة و لكنهم يؤثرون على المجتمعات بشكل سلبي فهم يتمسكون بعادات بائدة و معتقدات ظالمة ، ولا يفكرون إلا في سيطرتهم بعقولهم التي لا تعرف إلا الدمار وفرض قوتهم رغم جبنهم ..
هؤلاء تحجرت عقلياتهم ووقفت عند زمن معين ، و قست قلوبهم و الحجارة اكثر ليونة منهم ..
وكأن فكرة تعنيف المرأة تبلورت عبرالعصور عن طريق قلة من البشر أشبه بالشياطين لتصبح هذه الفكرة مجرد قوانين مستبدة تحرم المرأة من حريتها وسياط شائكة تمنع المرأة من حقوقها و تهين كرامتها ..
لكن يظل كثير من النساء تتحدى هذه الأوضاع ، و يظل كثير من الرجال العقلاء اصحاب التفكير السليم و المطالبين بالمساواة بينهم و بين النساء و الذين ينادون بأن النساء شقائق الرجال في كل شيء ..
وأختم مقالتي :
بأن المرأة حواء مخلوق جميل خلقها الله تعالى من ضلع آدم المائل إلى القلب ليحميه و يعطيه الحنان و الطمائنينة ..
والمرأة شريكة الرجل في بناء المجتمع و المستخلفين في عمرانه ..
المرأة هي الأم التي تربي الأجيال فهي المدرسة في التربية ، و المصنع الذي ينتج الرجال و النساء الذين يفيدون المجتمع ، و الوطن الذي يحتضن الجميع ..
المرأة هي الأخت التي تحافظ و تداري على جميع أفراد الأسرة ..
المرأة هي الزوجة التي تكون بمثابة درع قوي يحمي ظهر الزوج تقف معه في كل مشكلة و تشجعه على السير إلى الإمام حتى ينال النجاح ..
المرأة هي الأبنة الصالحة التي تحب ان تساعد و تكون بهجة في كل مكان ..
المرأة هي معنى الكرامة و أساس الأصالة ونور الجمال و قوة العنفوان .
عسير صحيفة عسير الإلكترونية