من يتأمل أحوالنا قبيل سنوات . يجد أن قلوبنا كانت طريّة بالتسامح والانشراح . تنبض بالدفء والحب والحياة .. واليوم نتأملها وقد تفجرت في قلوب الأكثرية أحقاد عظيمة على البعض الآخر . ويبدو أن الدنيا قد جعلت في أعماقنا صراع من أجل البقاء والإستزياد والطمع والجشع الذي لا ينتهي إلا بفضيحة أو بذنب لا يغفره الناس !؟ لم يملأ عيون وقلوب البعض حتى التراب والأسمنت رغم أزمات الأسمنت المتكررة ؟! تحول البعض إلى دود الأرض يلقف كل شيء بشتى الوسائل المباحة والمحرمة ! الأحقاد تزيد بين كل الطبقات . الموظفين بينهم أحقاداً ومؤامرات ومشاكل كثيرة. التجار بينهم “حويس ودويس ” الفقراء بينهم صراع من أجل لقيمات بائسة. المثقفين بينهم ما لا عين رأت . كل وسط بعضه سيء يؤثر سلباً على مجتمع بأكمله . الجميع يشعر بأن الجميع يهددونهم في عيشهم وعيشتهم . تزيد الهوة والسخط حتى عند إشارة المرور وعلى كبسة دجاج في مطعم .. انتفى تماما الصبر والتروي وهدوء الأعصاب . والابتسامة الصادقة من القلب للقلب. الصراع يتأجج بين المثقفين المؤامرات تحاك في وضح النهار الكل يريد أن يكون بارزاً ومع الصفوة حتى لو داس على ألف رأس وحطم ألف قلب .. تحول البعض في سنوات إلى انتهازيين ووصوليين ومنافقين وسماسرة شر .. إلى ما لانهاية . غرتنا الدينا على حساب السمو والأخلاق والعيش المشترك بسلام . تحول بعضنا إلى أوصياء على البعض الآخر الأقل رشداً في نظرهم ! وآخرين نذروا أنفسهم محامين على بعض الأبرياء المجرمين ! والبعض تحولوا إلى لصوص فأصبحوا تجاراً بالجملة فحقد عليهم البسطاء الشرفاء ! متمنين زوالهم وزوال ما هم فيه من النعم . ماتت صفة الصبر والأناة في قلوبنا . ولحقت بها صفة القناعة التي لم يعد لها وجود إلا اسماً يرددها بعض “الدعاة والوعاظ” لطمأنة البعض الآخر المتلهف على زيادة كل شيء في حياته البسيطة ! الأسوأ أن تجد من يحثك على الزهد والقناعة في الدنيا ثم تجد أنه يمتلك مخططات من الأراضي والعمارات وبالقانون ويلهث يومياً في طلب الزيادة . تجدُهُ في الليل واعظ وفي النهار “تاجر شنطة” لقد نزعنا البراءة حين انتفت الثقة . ونحن الآن نعيش أزمة ثقة بيننا بين . أصبح البعض يمتلك وجوه كثيرة . البعض يحمل أكثر من وجه على حسب المكان والظرف . في العمل وجه وفي البيت وجه وفي الشارع وجه وفي المسجد وجه وفي السوبر ماركت وجه. أصبح ” أبوه وجوه ” بعد إن كان أبو وجهين فقط ! ما يميز هذه الوجوه جميعاً أنها أصبحت “عملة واحدة” وهو النفاق والتملق “والمصلحجية” حتى بين الأهل والأصدقاء والأطفال .. لقد لبس البعض أقنعة بلون واحد كلون أديم الوجه .. فأصبحنا لا نميز الوجه الحقيقي الطبيعي من القناع المزيف . إنك لتلاحظ يومياً مدى هذا الصراع وكيف ينمو بسرعة ؟ وكيف يتطور حتى أصبح غولاً من أحقاد تنبعث من قلوب البعض على بعضنا ؟ بلبلة نعيشها في كل ركن للحياة . لا تجد ما يجعلك متفائلاً أو مسروراً . ولعل ذلك إفرازاً طبيعياً لحياة المدنية الطاغية والتي جعلتنا نسير مغمضين العيون بسبب قوة تأثير المادة . لكن كيف نزعت المادة رحابة صدورنا وحولتها إلى قلوب قاسية عمياء لا تميز ..؟ بالطبع هناك أسباب منها اتساع الهوات بين طبقات المجتمع وتسلط البعض على البعض الآخر في رزقه وقوت يومه كالتجار الجشع وحرامية البلد . وسقوط الثقة لبعض الدعاة والوعاظ والمثقفين.. عندما يقولون ما لا يفعلون . وتفشي النزعة المادية البحتة في كل شؤون حياتنا . والإحساس بعدم الأمان . والبعد عن الروحانية الحقيقية . وانتشار الظلم بين الأفراد أنفسهم . وظلم الجهات المسؤولة للرعية الأكثرية . وشيوع الفساد كظاهرة عصية على الحل . وسقوط الكثير من ذوي الدخول المحدودة إلى مستنقع الدَّيون .. والصراع الوظيفي والمجتمعي والأسري للوصول إلى أماكن ليسوا أهلاً لها . وبذلك وصلوا عن طريق الفساد والسرقة والرشاوى والظلم الجائر والنفاق الاجتماعي وهو ما يعرف باستئثار ” العائلات ” على كل شيء مشاع . إضافة إلى تسرمد بعض الديناصورات البشرية في أماكنهم التي يجب أن تكون لغيرهم. لقد عاف عليهم الزمن وهم على صدور العباد . وأسباب أخرى كثيرة جعلت قلوب البعض غـُلفٌ متورمة . وهانحن نلاحظ المشاكل والفتن والجرائم كيف انتشرت في مجتمعنا بسبب هؤلاء المتحولون وهذا التحول المخيف؟! >
شاهد أيضاً
الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة
صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل : انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …