تناولت وسائل التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية وحتى الورقية هذه الأيام موضوع قيادة المرأة للسيارة بالمملكة ومايشاع حول هذا الأمر، ومما ساءني ذلك التعميم المجحف على نساء هذا البلد وإخراج القضية عن محتواها إلى التندر على نساء كريمات عفيفات وابتكار شتى الطرق والوسائل التي تتهكم وتستهزئ بهن دون وجه حق، فمن الرسوم الكاريكاتورية إلى رسائل الواتس أب وتغريدات “تويتر” والفيس بوك وانتهاءً بمقاطع اليوتيوب الفارغة التي لم يدرك أصحابها أنهم يتحدثون عن أمهاتهم وأخواتهم وزوجاتهم، وأصبحت جل قضايانا تناقش بالتندر والسخرية وفق أهواء أولئك ممن يعكسون ضحالة فكرهم واهتماماتهم.
لم يدرك كل هؤلاء أن “لجين الهذلول ومنال الشريف” وغيرهن ممن ينادين بقيادة المرأة لازلن “صفراً” في تعداد نساء السعودية اللاتي انصرفت اهتماماتهن عن تلك الضحالة إلى مجالات أكثر نفعاً فمنهن المربية الفاضلة والطبيبة المبدعة والمعلمة المتمكنة، والملايين من أمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا اللاتي لهن “بصمة” في حياتنا اليومية لا نستطيع العيش بدونها، ولم نلمس منهن في يوم من الأيام الخوض في هذه التفاهات ولم تشكل لهن اهتماماً يذكر ليس لأنهن ضد قيادة المرأة للسيارة، بل لأنهن يغلّبن المصلحة وحديث العقل، ويحترمن رأي قيادة هذا البلد ونظرة المسئول التي هي أعم وأشمل من نزوات أولئك، فأنا أجزم أن الأمر لم يتجاوز لدى من ينادين بقيادة المرأة للسيارة حب الظهور والعمل من خلال مبدأ “خالف تعرف”.
إن تناول بعض الرجال للقضية من خلال التندر على نساء السعودية وتعميم أفكارهم لهو أمر يثير الغضب والاستياء، فقد تجاوز هذا التندر إلى القذف والإساءة لـ”المرأة السعودية” بشكل عام فتناول تلك الرسومات والنكات والمقاطع من خلال ربطها بـ”المرأة السعودية” وهم لا يدركون أن العالم أصبح قرية بل أصبح العالم يجتمع في قاعة يغطيها سقف واحد، وأن تلك “الترهّات” تصل إلى أصقاع الأرض وتعكس للآخر صورة غير حقيقية عن المرأة السعودية التي لم تكن يوماً من الأيام كما وصفها هؤلاء.
ما أجزم به وأؤكده قطعاً أن مئات الـ”مسيئين” لأمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا عبر ما ينتجونه أو يكتبونه أو يرسمونه ويتناقلونه أيضاً لايشكل قناعتهم وهم ضد الفكرة من أساسها، ولكن وللأسف فأغلب مجتمعنا أصبحوا “مع الخيل ياشقرا” دون التفكير فيما خطته أيديهم أو تنقله أناملهم هنا وهناك، وليعلموا أنهم محاسبون عليه أمام الله.
رتويت: إحدى الأخوات الكريمات من المؤهلات علمياً وتربوياً وأخلاقياً وممن يشار لها بالبنان في خدمة أسرتها ومجتمعها من بنات عسير بعثت إلي بتعليق طويل تطالب فيه وسائل الإعلام بالدفاع عن نساء السعودية من إسقاطات ضعاف النفوس وتناولهم الـ”مريض” ختمته بقولها: “فعلا نتمنى أن يكون لدينا إعلام واعٍ يستوقف الأقلام الهائجة المنجرفة خلف الأمر بلا عقلانية ويعيد الوعي لرسامي الكاريكاتير وأصحاب مقاطع اليوتيوب ويقول لهم ببساطه … عيب ياولد..!”.
* مدير تحرير جوال منطقة عسير>