في ذكرى التوحيد


تلهج الألسن حمدا لله على نعمة الأمن في الأوطان ، واجتماع الكلمة ، ووحدة الصف كلما طافت بنا ذكريات توحيد شتات هذه البلاد ، وبناء وطن وسع الجميع محباً وعطاءً ، ورعاية ونماءَ فكان بحق مملكة الإنسانية .

اثنان وثمانون عاما أرخص فيها آباؤنا دماؤهم وأرواحهم حفاظا على ثرى هذه البلاد الطاهرة ، اثنان وثمانون عاما بذل فيها آباؤنا جهدهم ووقتهم لبناء دولة حديثة في أرض غير ذي زرع ، اثنان وثمانون عاما من الجهاد والبذل والتضحية تنوعت بين رخاء وشدة ، وسلم وحرب، ومنشط ومكره ، حافظوا فيها على وطنهم آمنا مطمئناً، ويتخطف الناس من حولهم ، فكانت نعمة جسيمة وأمانة عظيمة سلمها الآباء للأبناء ليواصلوا البناء والبذل والعطاء.

في ذكرى توحيد بلادنا ، نتذكر أن علينا دين لا ينكر لجيل مضى وجيل قادم .. دين للآباء في المحافظة على مكتسبات الوطن ومقدراته التي ضحوا بالغالي والنفيس في سبيل تأمينها لنا، ودين للأبناء في مواصلة البناء والعطاء لهذا الوطن المعطاء لنؤمن لهم وطنا يلبي احتياجاتهم في زمن لم يعد يعترف إلا بالقوة العلمية والتقنية للدول.

في ذكرى توحيد بلادنا، يجب أن نعي أن وطننا لا ينتظر منا أن نحتفل بذكرى توحيده عن طريق العبث بمقدراته، والخروج عن آدابه ،والتجاوز لأنظمته، والتعدي على حقوق ساكنيه ، بل هي ذكرى تحث على العمل من أجله ، والتضحية في سبيل أمنه ، والبذل من أجل رفعته وإعلاء شأنه ، وهذه هي الوطنية الحقة ، والانتماء المثمر.

في ذكرى توحيد بلادنا ، نلتفت شرقا فنرى حروبا وصراعات ونلتفت غربا فنرى فقرا ومجاعات ، دولا تشكو من الفوضى والاضطرابات وأخرى تئن من الديون والأزمات ، فلا نملك إلا أن نرفع أكفنا لمن منح الأمن والاستقرار لبلادنا فندعوه أن يتم علينا نعمه، ويوزعنا شكرها ، ويعيننا على أداء حقها ..

في ذكرى توحيد بلادنا ، لن يغيب عن بالنا أن بلادا قد حباه الله كل هذه الخيرات ، في حين منع منها الاخرون ، وجمع قلوب مواطنيه على كلمة واحدة ،في حين تفرق غيرهم أحزابا وجماعات ، وألف بين قلوبهم ، حين اختلفت قلوب غيرهم ، ستكون – وبلا شك – هدفاً للطامعين ، ومقصدا للشامتين والحاسدين ، فالله الله أن نمنح المتربصين ببلادنا فرصة طالنا انتظروها ، أو نغفل عن ثغرة طالما راقبوها ، فالوطن أمانة ، ويجب أن تبقى ثغوره محفوظة مصانة ، وبوعينا ويقظتنا ، واجتماعنا ووحدتنا ، وبحفظ الله قبل كل شيء ستبقى بلادنا أرضا للأمان ، ومضربا للاستقرار، ومقصدا للاطمئنان ..

في ذكرى توحيد بلادنا ، نتذكر أن من أصبح آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ، فكيف بمن أصبح آمنا في وطنه الكبير ، عنده أغنى موارد القوت في العالم .. ألا يستحق ذلك شكرا لا ينقضي ، وحمدا لله لا ينتهي .!!



* وكيل عمادة التطوير والجودة – جامعة الملك خالد
>

شاهد أيضاً

أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري

صحيفة عسير – مها القحطاني : استقبل صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com