** في الآونة الأخيرة وعبر توتير وغيره من وسائط التواصل الإجتماعي تزايد عدد الواصفين لشخصي البسيط بـ ( المهايطي ) وهو مصطلح يبدو للوهلة نوعاً من السب والشتم القبيح الذي يجرح القلوب المرهفة والحساسة من أمثال قلبي الضعيف !!
** وقد ساقني الفضول للبحث عن أخبار ( المهايطين ) وسيرهم عبر التاريخ .. وقد سرني جداً ماقرأت وأزال ماكان يعتري فؤادي من حزن وأسى وغيظ على كل من نعتـني بالهياط وتحول ذلك إلى فرح وحبور وبشر وسرور.. فقد دلني هؤلاء على موضوع جديد لم يسبق لي القراءة حوله !!
** ذلك أني عرفت من أخبار ( المهايطين ) وقصصهم ماخلده التاريخ وتناقلته الركبان على مدى العصور المتلاحقة والقرون المتتالية .. بل ووجدت من فنون الهياط المختلفة ماقد امتلأت به بطون الكتب لمجموعة من كبار ( المهايطين المبدعين) إن صحت التسمية !!
** ولعلي أسوق للقارئ الكريم نماذج من الهياط في الماضي وأخرى من الحاضر ومن ثم اترك المقارنة للقارئ وذلك للحكم حول أي الجيلين أبدع وأيهما تفنن مع جزمي أن الكم أقل قديماً عما هو عليه اليوم ..فأقول بعد حمدالله والثناء عليه والصلاة على نبيه إن أشهر مهايط عرفته البشرية هو الشاعر المتنبي والذي قال ذات لحظة هياط خالدة:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي … وأسمعت كلماتي من به صمم
** ومن مشاهيرهم – عندي – الحطيئة وزياد بن أبيه وجماعة من المداحين الذي كانوا ينتشرون في بلاط الولاة والوزراء وخصوصا في العهد الأندلسي وما تلاه من عهود انتشرت فيها هذه النوعيات من الخلق !!
** أما في عصرنا الحديث فالهياط نوع من الوجاهة الإجتماعية عند البعض ، ونوع من ( خفة الدم ) عند البعض الآخر ، وشئ فطري عند آخرين ، ولن يعجز الباحث عن أمثلة في إيجادها أبدا..!!
** من أمثلة ذلك ماتمارسه بعض الجماهير الرياضية عند فوز فريقها أو خسارته على حد سواء .. وقد قال لي أحدهم ذات هزيمة : أرجو ألا تتحدث عن هزيمة فريقي لأنني من جماهيره ونحن معشر الجماهير لنا كرامتنا ، فقلت في نفسي : إذا كانت الهزيمة الرياضية تحط من الكرامة فإن جماهير أحد الأندية فقدت كل كرامتها منذ موقعة ( أم صلال ) ونكسة (لخويا).. ولكن الأمر ليس كذلك لو كانوا يعلمون !!
** ولعل من أكثر أنواع الهياط انتشاراً ما يمارسه بعض أعضاء المجالس البلدية من هياط ( مكشوف ) على المواطنين والناخبين أيام الإنتخابات وقبلها حتى تنطلي الخدعة على ( المهيوط عليهم ) ويتم انتخاب عضو لايكاد ( يفك الحرف ) ليكون حاملاً لمشعل آمالهم .. الغريب أن هياط هؤلاء يستمر سنيناً دون أن يجد له من يقول (ثلث الثلاثة كم )؟!
** ومن أمثلة الهياط ما يمارسه بعض القادة والحكام العرب منذ مايزيد على ستين عاماً دون أن يحرروا شبراً واحداً من أرض فلسطين..لكن هياط الحكام العرب مختلف عن غيره فهو من النوع الفاخر جداً والذي يليق بهم وبمكانتهم الهياطية العالية !!
** وكبيرهم في ذلك هو الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر الذي يعده القوميون أو الناصريون رمزاً وقائداً وملهماً وأراه أنا غير ذلك فقد دفعه الهياط لتكبيد الجيش المصري أعظم الخسائر والنكسات في تاريخه .. وذلك لم يحدث لو أن الأمر دُرس بحكمة وروية وبلا عنترية أو هياط !
** أما الآن فمجبر على أن أختم المقال تحاشياً أن يسأم مني القراء الكرام أو أن ينفعل علي أحدهم ويصرخ قائلاً ( لقد هايطت علينا فأكثرت الهياط ) فإلى لقاء آخر والســـــلام .>