في المقالة الماضية، كان الكلام دائرا حول ظهور عناصر المكان في رواية الباب الطارف لعبير العلي، ولم تسمح المساحة بتجلية وظائف المكان الخارجية والداخلية.
ومن المعلوم أن أهمية المكان مسألة خلافية بين نقاد السرد، لأن المكان شأنه شأن سائر العناصر السردية الأخرى، تختلف مكانته باختلاف الأنواع القصصية من جهة, ومذاهب الروائيين من جهة أخرى, بيد أنه في رواية كالباب الطارف عنصر رئيس لارتباطه برؤى الكاتبة التي أرادت تصدير الصورة اللغوية للمكان تصديراً يتعامل مع المكان بوصفه مكانا نفسياً؛ بمعنى أنها تنطلق من الوجدان في تصوير المكان، هادفة إلى التأثير في الوجدان، دون أن تعبأ بالوظائف المعرفية أو الأيديولوجية التي يمكن أن يؤديها المكان.
إن حضور المكان عند عبير العلي، يأتي معاضدا لاستبطان الشخصية الرئيسة في العمل، وهي “حنين” الطامحة العاشقة عشقا مزدوجا لأبها و”سعد”، والناقمة نقمة مزدوجة على “أحمد” بوصفه بديلا ومفرا مؤقتاً، وعمها المتطرف، وزوجه الرقطاء، وتحولات المكان من جهة الموجب إلى جهة السالب بكل إيحاءاتها وآلامها على شخصية تحب الحياة، وتريد لمدينتها أن تبقى رمزا للحياة.
إن الأماكن التي كانت تمر أو تحلم بها حنين، وما يطرأ عليها من تحولات، تعني أن الاهتمام عند عبير العلي، لم يكن بالصورة الخارجية للأمكنة، وإنما كان بوقْع الأمكنة وصداها في وجدان الشخصية، أو باطنها بالمصطلح النفسي الدقيق، ومعنى ذلك أن وصفها للباب الطارف، أو الباب الأقصى في بيتها القديم، الذي شهد تسللات سعدها، أو تصويرها لغرفتها القديمة التي شهدت قراءاتها وفرحها ودموعها ولقاءاتها، لم يكن وصفا للأماكن في حقيقتها، أو وصفا للتعريف بها، بقدر ما هو وصف لها كما تتمثلها حنين أو عبير، وكما تتماوج عناصرها في ذهن الشخصية وروحها، وهنا تبرز الوظيفة النفسية للمكان، وهي وظيفة دقيقة جدا، ومتقدمة على الوظائف الظاهرية للأماكن في الأعمال السردية ذات التقنيات التي لا تغوص إلى العمق، وإنما تهتم بالبقاء على سطوح الأشياء.
أبها في “الباب الطارف”، رمز مكاني للطهارة والصفاء والحب والحنين والانعتاق من الماديات، وحرية القلوب حرية مطلقة، لا يحدها إلا المتغيرات التي طرأت على عقول فئة من أهل المكان، فأصبحت هذه المتغيرات دون شعور من المتأثرين بها شرا محضا، وأدت إلى كسر قلبين، على الرغم من أن الفاعل يظن أنه يحسن صنعا.
اللافت في “الباب الطارف”، تراوح وظيفة المكان، بين أن يكون المكان غاية في ذاته, بدافع من حب لا يخفى على أي قارئ للعمل، وبين أن يكون مجرد جسر تمر فوقه فكرة ما, وبين أن يكون هو مدار الصراع السردي, وبين أن يكون مجرد تكثيف للإيحاء الرمزي أو الذهني أو العاطفي، مما يعني تعدد أساليب حضور المكان، وتلك للعمل لا عليه، عند النظر إلى حرية الإبداع، وعدم خضوعه للقوانين، أو التزامه بالخطوط المعلومة عند نقاد السرد التقنيين.
ومن المعلوم أن أهمية المكان مسألة خلافية بين نقاد السرد، لأن المكان شأنه شأن سائر العناصر السردية الأخرى، تختلف مكانته باختلاف الأنواع القصصية من جهة, ومذاهب الروائيين من جهة أخرى, بيد أنه في رواية كالباب الطارف عنصر رئيس لارتباطه برؤى الكاتبة التي أرادت تصدير الصورة اللغوية للمكان تصديراً يتعامل مع المكان بوصفه مكانا نفسياً؛ بمعنى أنها تنطلق من الوجدان في تصوير المكان، هادفة إلى التأثير في الوجدان، دون أن تعبأ بالوظائف المعرفية أو الأيديولوجية التي يمكن أن يؤديها المكان.
إن حضور المكان عند عبير العلي، يأتي معاضدا لاستبطان الشخصية الرئيسة في العمل، وهي “حنين” الطامحة العاشقة عشقا مزدوجا لأبها و”سعد”، والناقمة نقمة مزدوجة على “أحمد” بوصفه بديلا ومفرا مؤقتاً، وعمها المتطرف، وزوجه الرقطاء، وتحولات المكان من جهة الموجب إلى جهة السالب بكل إيحاءاتها وآلامها على شخصية تحب الحياة، وتريد لمدينتها أن تبقى رمزا للحياة.
إن الأماكن التي كانت تمر أو تحلم بها حنين، وما يطرأ عليها من تحولات، تعني أن الاهتمام عند عبير العلي، لم يكن بالصورة الخارجية للأمكنة، وإنما كان بوقْع الأمكنة وصداها في وجدان الشخصية، أو باطنها بالمصطلح النفسي الدقيق، ومعنى ذلك أن وصفها للباب الطارف، أو الباب الأقصى في بيتها القديم، الذي شهد تسللات سعدها، أو تصويرها لغرفتها القديمة التي شهدت قراءاتها وفرحها ودموعها ولقاءاتها، لم يكن وصفا للأماكن في حقيقتها، أو وصفا للتعريف بها، بقدر ما هو وصف لها كما تتمثلها حنين أو عبير، وكما تتماوج عناصرها في ذهن الشخصية وروحها، وهنا تبرز الوظيفة النفسية للمكان، وهي وظيفة دقيقة جدا، ومتقدمة على الوظائف الظاهرية للأماكن في الأعمال السردية ذات التقنيات التي لا تغوص إلى العمق، وإنما تهتم بالبقاء على سطوح الأشياء.
أبها في “الباب الطارف”، رمز مكاني للطهارة والصفاء والحب والحنين والانعتاق من الماديات، وحرية القلوب حرية مطلقة، لا يحدها إلا المتغيرات التي طرأت على عقول فئة من أهل المكان، فأصبحت هذه المتغيرات دون شعور من المتأثرين بها شرا محضا، وأدت إلى كسر قلبين، على الرغم من أن الفاعل يظن أنه يحسن صنعا.
اللافت في “الباب الطارف”، تراوح وظيفة المكان، بين أن يكون المكان غاية في ذاته, بدافع من حب لا يخفى على أي قارئ للعمل، وبين أن يكون مجرد جسر تمر فوقه فكرة ما, وبين أن يكون هو مدار الصراع السردي, وبين أن يكون مجرد تكثيف للإيحاء الرمزي أو الذهني أو العاطفي، مما يعني تعدد أساليب حضور المكان، وتلك للعمل لا عليه، عند النظر إلى حرية الإبداع، وعدم خضوعه للقوانين، أو التزامه بالخطوط المعلومة عند نقاد السرد التقنيين.
>