كنت قد نبهت في مقالات و استطلاعات صحفية سابقة إلى ما نسميه بــ” مافيا الأسعار”
فعندما أمر خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله بصرف 5% بدل غلاء معيشة لجميع موظفي الدولة للتخفيف من حدة الأزمة العالمية التي أدت إلى انهيار معظم المصارف العالمية وبالتالي اندلعت نار الأسعار بشكل مبالغ فيه خاصة في دول الشرق الأوسط حيث تتكون بؤرة الفساد أكثر من أي مكان آخر من المعمورة.
ومع أن المواطن السعودي ظل هو أكثر شعوراً بالأمان من غيره نتيجة دعم الدولة للمواد الغذائية إلا أن مافيا السوق السعودية كشرت عن أنيابها في محاولة منها لكسر حاجز الأمان لدى المواطن السعودي فمارست هذه المافيا تبادل الأدوار وتغيير تكتيكات اللعبة بين الحين والآخر فتارة تختلق أزمة في الحديد الصناعي وتارة في حديد التسليح وثالثة في الأرز ورابعة في اللحوم البيضاء وخامسة في الأعلاف وسادسة في الدقيق وهكذا دواليك ووزارة التجارة الموقرة واقفة متفرجة على فصول اللعبة دون أن تستطيع الدخول بما لديها من مسوغات ولوائح لإيقاف مهازل اللعبة التي سُجلت جميع أهدافها في جيب ونفسيات المواطن المغلوب على أمره وهذه المافيا ممتدة من بلد منشأ السلعة إلى داخل السوق السعودية كيف؟
تعالوا إلى حقيقة مؤلمة ظلت تشكل ألم الكساح للسوق السعودية مذ سنوات طويلة فقد انطلقت السوق السعودية ومذ ثلاثة عقود تقريباً كسوق مفتوحة ظاهرياً ولكنها في الباطن تعاني من السيطرة والاستحواذ من مجموعة محددة من التجار الرئيسيين الاحتكاريين في مجال الاستيراد لمعظم السلع بما في ذلك السيارات والمعدات والآلات الثقيلة والمواد الغذائية والعطور والساعات والأقمشة والملبوسات وغيرها من السلع المختلفة وهؤلاء التجار أو بعضهم ليسوا سوى صورة رمزية لمافيا غير ظاهرة للعيان تحرك السوق وفق ما تريد لتغليب مصالحها على المصلحة الوطنية ومصلحة المواطن عرض الحائط ففي اللحظة التي يلعق فيها المواطن مرارة الزيادة الجنونية في أسعار الأعلاف تأتي الصدمة الثانية على التوالي فلم تكد تتسرب معلومات عن زيادة رواتب العسكريين حتى اشتعلت نيران الأسعار حيث ارتفعت أسعار الكثير من السلع ومنها لحوم الدواجن المستوردة بأكثر من 5% دون سابق إنذار وقد توفرت معلومات لبعض المجلات المتخصصة في أووربا عن عمليات فساد داخل بعض الشركات والمصانع العالمية من خلال عملاء لتجار سعوديون وخليجيون حيث يقوم هؤلاء العملاء برفع تكلفة المنتج من معدله الطبيعي إلى معدل أعلى وتكون شهادة المنشأ المزورة خاصة بالمستورد يبرزها للجهات المعنية في بلده عند الفسح وأضافت المجلة أن المعلومات التي حصلت عليها تفيد بأن هناك شبكة ممتدة من مصانع وشركات المنشأ مروراً بالتخليص الجمركي في تلك البلدان المصدرة وحتى بلد المستورد وأن المتابعات الدقيقة من وزارات التجارة والغرف التجارية في بلدان الخليج لتلك الصفقات بين التجار الخليجيين وبين الشركات والمصانع العالمية والموانئ ضعيفة وغير جادة وقد قارنت المجلة بين أثمان السلع المستوردة المودعة في حسابات الشركات والمصانع الأوربية والآسيوية وبين ما تحمله الشهادات المزورة فوجدت أن الفارق جاء لصالح المزورة بأكثر من من {21} مليار دولار خلال عام 2009م بمعنى أن تجار الخليج لهفوا من مواطنيهم 21مليار + الهامش الربحي من قيمة العقود الحقيقية خلال عام واحد فقط وعليكم الحساب وقد طالبنا مراراً وتكراراً بسد الذرائع على المتلاعبين بالسوق السعودية بسن سياسات جديدة لهذه السوق وتشديد الرقابة الصارمة على عمليات الاستيراد ولا نكتفي بشهادات المنشأ والضرائب الجمركية في البلدان المصدرة حيث يتركز التلاعب وفض بكارة الاحتكار فلم يعد ما قبل ثلاثة عقود صالحاً لهذه المرحلة فالظروف قد تبدلت والمعطيات اختلفت 180 درجة عما كانت عليه والتغيير والتحديث في أنظمة الاحتكار أصبح من الضروريات بل واجب تقتضيه المصلحة الوطنية وتقتضيه مصلحة وحياة المواطن الذي ظل ولسنوات طويلة ولازال رهين الاحتكار لمصلحة مجموعة أشخاص على حساب ملايين المواطنين والله أسأل أن يحفظ لهذه البلاد أمنها ورخائها وأن يحفظ لنا ولها قائد المسيرة المباركة عبد الله بن عبد العزيز وأن يمده بعونه وتوفيقه ويكفينا شر العابثين بأمن وسلامة واستقرار واقتصاد هذا الوطن الحبيب.
>
شاهد أيضاً
الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة
صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل : انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …