لنصرة فضيلة الشيخ عبدالرحمن البراك زف بضعة وثلاثون اسماً توقيعاتهم تذييلاً لعريضة تنافح عن رؤية فضيلة الشيخ عن شياطين الصحافة. وأنا هنا لا أناقش فكرة تصنيف الأفكار ولا تقسيم الناس إلى ملائكة أو أبالسة لأن الله عز وجل هو من يخلق مثلما هو وحده من يقلب القلوب مثلما هو الأعلم في علاه عز وجل بكنه الإنس والجن. هذه مسألة ليست بيد بني آدم. أنا هنا أناقش فكرة الحياد التي يجب أن يكون عليها (القاضي) مع المختلفين والمختصمين لأن القاضي لا يحكم على القضية (بعلمه) ويفترض ألا يمزق فكرة الحياد بالوقوف التلقائي مع هذا الطرف أو ذاك، وتلك أبسط قواعد نزاهة القضاء واستقلاليته ولمجلس القضاء الموقر أن يسأل عن توقيع بضعة قضاة على مثل هذه العريضة ثم يقرأ فقرتها الرابعة إذ تقول بالنص (إن على المسؤولين عن الثقافة في بلاد الحرمين، المملكة العربية السعودية أن يتقوا الله……. ونطالبهم بإحالة الصحفيين المنحرفين أصحاب المقالات الضالة إلى القضاء الشرعي للنظر فيهم قمعاً للمفسدين وصيانة لأعراض المسلمين ورعاية للفضيلة). هنا تماماً لم يقف القاضي على الحياد من مسألة اختلافية، وبالمنطق، ماذا لو أحلنا هؤلاء الصحفيين إلى القضاء الشرعي، وإلى مكاتب ذات القضاة، وهم في المسبق قد توعدوهم بالقمع وقد أصدروا عليهم الحكم المغلظ قبل المداولة وقبل الجلسة وقبل الاستماع وقبل أدنى حقوق الإنسان في محاكمة عادلة نزيهة لا يقف فيها الخصم أمام من وقع من قبل على خصومته ثم نقوده برقبته إلى يديه. القضاء لا يوقع على عريضة، والقضاء لا ينحاز، والقضاء يجب أن يكون المظلة الأكثر أمناً واطمئناناً حتى للضال المنحرف. القضاء لا يعطي رأيه والقضاء يجب ألا يتحول إلى خصم. القضاء هو من يذهب إليه القاتل ليبحث عن ملاطفة أو حتى مخرج وإلا لأخذناه إلى الساحة بعد الاعتراف في مخفر الشرطة. القضاء لا يطالب بإحالة شخص إليه وقد شمر القاضي عن ساعديه في عريضة مكتوبة والقضاء لا يستدرج الشخص إليه وقد كتب القاضي حكمه مسبقاً عليه. القاضي لا يتوعد أحداً ثم يطالب بإحالته إليه ولعله لهذا السبب الوجيه لا يرسل هؤلاء للقضاء. لا أحد يرسل الخصم إلى رحمة خصم. أما أن تكون المملكة العربية السعودية، اسما متفرعاً من بلاد الحرمين مثلما قالت العريضة فالاشتقاق يشرح الأصل. نلتقي غداً.
*الوطن>