في كل المكونات السياسية لا بد من وجود منطقة المركز ومناطق الأطراف, ومن بدهيات العدالة بين الجميع أن يتم التوزيع العادل بينها في النواحي الاقتصادية والخدمية والثقافية, إذ إنه ينبغي على السلطة أن تقوم بعمليات الموازنة بين الجميع بما يحقق الارتياح ويجعله السائد.
ومع تلك الموازنات والمعادلات فإن احترام ثقافات الجميع أمرٌ مهمٌ للغاية, إذ إن أي مكون سياسي وخاصة المكونات المتسعة مساحةً والمتباينة ثقافةً, من الطبيعي أن تتباين فيه ثقافات وأنماط معيشية مختلفة, وفي حين أن الموازنات بين الجميع إن لم تكن عادلةً؛ فإن التململ والشعور بعدم الارتياح والعراكات الداخلية بين تلك الثقافات المتباينة ستكون هي سيدة الموقف, وعلى سبيل المثال فإن لكل مكون جزئي من المكونات الباقية التي تشكل المكون الرئيس أو كما في تسميات أوضح مناطق, فإن لكل جزء ثقافةً خاصةً به, وحين يتم تعميم ثقافة واحدة على بقية الثقافات والتي في الغالب ما تكون ثقافة مكان المركز, حين يتم تعميم تلك الثقافة على البقية والتي عادة ما تنعت بمناطق الأطراف, ويكون التعميم أما عن طريق تبني السياسي لذلك ودعمه أو عن طريق سكوته ورضاه التام بما يجري, في هذه الحالة يتسرب شعورٌ بالحنق والغيظ إلى مكونات الأطراف, وفي الغالب يصبح مؤشراً خطيراً حيث إن سكان مكونات الأطراف أضحى يخالجهم شعور عميق بكراهية كل ما يأتي من المركز بل وقد يصل الأمر إلى كراهية إنسان ومكان المركز, وهذا الأمر غير جيد, إذ إنه يوحي بالفرقة والتنافس غير المشروع بين مكونات الإطار العام للمكون الأساسي (الدولة) وحتى أكون أكثر وضوحاً ودقةً فسوف أضع مثالاً, فالفنون الشعبية أو الألوان التطريبية تختلف وتتباين من مكون لآخر, وعلى السياسي أن يعطي للجميع فرصتهم المتساوية لأجل الترويج لفنونهم كما يرون, أما حين يتم دعم فن مكون على حساب المكونات الأخرى بغية تعميمه كنمط رئيس لبقية أجزاء المكون السياسي, وغالباً ما يتحرك هذا التعميم أو التنميط للمجتمع على أساس أنه نمط واحد لا أنماط مختلفة, أقول غالباً ما يصاحب هذه الحركة دعماً لوجستياً مالياً كبيراً من شأنه أن يغري العامة من سكان الأطراف بالانخراط فيه ونسيان ثقافة مكونهم أو منطقتهم الرئيسية, ومع مرور الوقت فإن إنسان ثقافة المركز أو منطقة المركز يبدي تعالياً على البقية حينما يراهم يجعلون منه نموذجاً لهم, بل ويصل الأمر في أحيانٍ كثير إلى استصغاره والسخرية منه, وهذا هو الأمر غير الجيد.
ولتجنب كل تلك العراكات والظلم الناتج عنها والإقصاء والتهميش,فإننا نأمل أن يتم العمل على إيجاد موازنات حقيقية, من شأنها أن تحقق العدالة بين الجميع, وتجعل الفرص جميعها أمامهم متساوية, إن تحققت تلك العدالة, فإنها ستجعل الجميع ينبذون الفرقة, ويتمترسون في مكان واحد, لا يعترف إلا بالوطن الكبير الذي يحترمه ويحترم مكوناته.>
شاهد أيضاً
الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة
صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل : انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …