تعجبني تلك اللغة الراقية التي يتكلم بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – يحفظه الله – دائمًا ، وخاصة حين يكون كلامه أيده الله مع شعبه رجالا أو نساء .. عبارات راقية ، وكلمات رقيقة تدل على مكانة عظيمة ، وأدب جَم ، وإيمان حقيقي .. في وقت صارت فيه الألفاظ النابية والأوصاف القبيحة مادة إعلامية يتندر بها الناس في كل مكان على كثير من شعوب الأرض وقادتها حين فُقد الاحترام ، وبَعُد الناس عن قيم الإسلام .
إن هذه المملكة المباركة مملكة منَّ الله عليها حين احتضنت بكل اقتدار وثقة أعظم مكانين ، وأطهر بقعتين على وجه هذه المعمورة .. المسجد الحرام ، ومسجد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – .. إن وجود هذين المكانين الطاهرين المقدسين قد أثَّرا على الناس في هذه البلاد المباركة ؛ حين حرص أهلها على الرضا بحكم الله في كل الأمور .. وامتثلوا لأمر الرسول عليه الصلاة والسلام في أحاديثه الداعية إلى ضرورة طاعة الله ، ورسوله ، وطاعة ولي الأمر .. شعب إسلامي أمين يعرف معنى البيعة ، ويُدرك كُنه الطاعة .. حب وولاء ، احترام ووفاء .. صفات عربية أصيلة طالما تغنَّى بها العربي في تاريخه وشعره ونثره ، ولمَّا جاء الإسلام صبغها بطلاء التهذيب الزاهي ، ولونها بلون التوجيه البديع .
كانت عودة خادم الحرمين الشريفين هي فرحة الوطن .. وكان الناس في يوم الأربعاء 20/3/1432هـ على موعد مع الفرح حين تعانقت القيادة والشعب ، واجتمع الكل على المحبة والإخاء .. صورة جميلة ارتسمت على صفحة هذا الوطن الكبير بمليكه وقيادته وأبنائه وبناته في وقت اضطربت فيه كثير من دول العالم ومجتمعاته ، وهاجت وماجت ؛ ليُبرهن الجميع هنا أن الوفاء هو شعارنا ، وأن الإخلاص هو دِثارنا .. وأننا لن نُساوم على حُبنا لوطننا ، وهو حب نابع من معنى إيماني وليس حُبًّا نابعًا من أطماع بغيضة ، أو دسائس خبيثة !!
عاد المليك فعادت البسمة إلى ثغورنا .. وأحسسنا بمدى قوتنا وتماسكنا واجتماعنا حين خرج الناس ليُعبروا عن مدى فرحتهم بعودة قائد مسيرتنا .. أخرجهم الشوق ، ودفعهم الحُب .. ولم يخرجوا من أجل التخريب ، ونشر الفوضى ، وبثِّ الرُّعب في قلوب الآمنين !!
عاد المليك صاحب الأيادي البيضاء إلى وطنه .. وطنه الذي يُحبه بكل شبر من أرضه الطاهرة الغالية .. وهو المليك الذي جعل الوطن بأبنائه وبناته هَمَّه الأول حتى وهو في فترة علاجه ونقاهته كان يقول :” العمل هو راحتي ” العمل من أجل رِفعة وطنه ، والرقي بأبناء شعبه وبناته .. هو المليك الذي نهض بالعلم من خلال كراسي الملك عبدالله العلمية ، ومن خلال افتتاح جامعات حديثة وكليات جديدة ، وتطوير المناهج التعليمية في التعليم العام ، وإعادة تأهيل المعلمين والمعلمات ، وتحسين البيئة التعليمية التربوية .
وليس العلم فحسب بل القضاء ، والشورى ، والضمان الاجتماعي ، والإسكان ، وغيرها .
وهو المليك صاحب القلب الكبير والذي حرص على لَمِّ الشمل العربي دائمًا ، ودعا إلى حوار الثقافات العالمية المختلفة من أجل رقي البشرية ، وتقدم الإنسانية .
وقد حرص خادم الحرمين الشريفين على التعامل مع مشكلات البلاد وأزماته بحكمة القائد المُسَدَّد .. فالإرهاب بالإصلاح قد انخذل ، والاعتداء بالحزم قد انحرم ، والفساد بالحساب قد اندحر !!
والمواطن هو ثروة هذه البلاد المباركة ؛ لذا فقد اهتم به خادم الحرمين الشريفين فزاد في المرتبات ، وزاد مخصصات الضمان الاجتماعي وعدد أفراده ، وزاد المخصصات المقدمة للأيتام ذوي الظروف الخاصة ، وأنشأ الصندوق الخيري لمكافحة الفقر ، وغيرها كثير .
وإيمانًا منه بأهمية الرعاية الكريمة للمرأة في بلادنا باعتبارها القاعدة التي تنطلق منها الأجيال حين أكَّد على كرامتها ودورها الفاعل في بناء المجتمع ، فشاركت المرأة في جلسات الحوار الوطني ، ومجلس الشورى ، وعَمِلَت في الجامعات والكليات والمدارس .
وخادم الحرمين الشريفين يعمل عملا دائبًا من أجل أن يظهر المسجد الحرام والمسجد النبوي في أبهى حُلة ، وأجمل صورة ، وأن ينعم قاصدو تلك الأماكن المقدسة في الحج والعمرة بالراحة والاطمئنان .
أعمال كثيرة قام بها خادم الحرمين الشريفين ، وسيشهد المستقبل بإذن الله مزيدًا من تلك الأعمال المباركة التي ستدفع عجلة التنمية في بلادنا والتي ستجعل من حياة المواطن الكريمة هدفها الأهم والأسمى .
وعلينا نحن المواطنين في هذه البلاد أن نَعِي تمام الوعي حجم تلك الإنجازات ، وأن نَجْهَد من أجل رفعة هذا الوطن بقلوب مُفعمة بحب هذا الوطن ، ونخلص الحب لقيادتنا الرشيدة ولأبناء شعبنا الأوفياء .. وإلى مزيد من التقدم والرخاء لمملكتنا الحبيبة ، وحفظ الله ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين من كل شرٍّ ومكروه ، وجمع له بين الأجر والعافية . >