يحاط مجلس الشورى بهالة كبيرة من الاحترام والتقدير، وتعلق عليه آمال كثيرة، بل إن المواطن تتداخل لديه المطالب، فيطلب من المجلس ورجالاته مطالب لا علاقة لهم بها، ويغيب ذهنه وقلمه مطالب هم أبلغ وأقدر من يوصلها إلى حيز التنفيذ وإطار النقاش الجاد، ويظن ظناً حسناً أنه في أولوياته وأجندته وصلباً دائماً لمحاور نقاشه.
دارت في الأيام الماضية همسات لم تخرج مكتملة النمو على صعيد التفاصيل، بل كانت أشبه بـ «جس نبض»، وتمرير ذكي لرغبات شخصية وطموحات لم يأتِ بالتأكيد عضو الشورى من أجلها، ولكنها تباريح قلب، وهواجس ليل يتداولها بعض الأعضاء لإضافة سطر لامع وبارز على صعيد السيرة الذاتية لكل عضو.
الهمسة واللقطة الأخيرة تتحدث عن أن عضو مجلس شورى اقترح أن يتم منح أعضاء مجلس الشورى وسام الملك عبدالعزيز، وكأني بهم لم يبقوا شاردة ولا واردة في جدول الأعمال إلا وأشبعوها نقاشاً وتطبيقاً وفحصاً وتدقيقاً، ومن ثم ذهاباً بها إلى الميدان وخريطة الفعل المباشر لا لعبة الأقوال المطاطية، وانتظار لحظات التصويت على كل قضية مطروحة، كون التصويت هو الفصل النهائي في أي قرار شوري.
يقال إن اللقطة الجديدة للعضو هي نتاج سوء فهمه، إذ إنه نقل – بالخطأ – مسودة مشروع تقدم به أعضاء من المجلس، وليت أن مسودات مشاريع المجلس لا تذهب بعيداً وتقترب من خطوط تماس فعلية، ومناطق حساسة لهموم وحاجات المواطن، الذي «يرى في مجلس الشورى محطة مهمة لاستعراض همومه، وبحث قضاياه العامة المهمة»، ولكن سأكون صريحاً حين أقول إن المجتمع المحلي بدأ بالدخول التدريجي إلى زوايا الأمل الضئيل في أن يقدم المجلس حماسة أكبر ويهتم بالشأن العام قبل أن يضع الهم الشخصي ورقة أولى في أجندة العمل، ولي هنا أحقية السؤال الغريب في كيفية ومنطقية أن تصل أوراق المسودة إلى يد زميل خارج دائرة المجلس ليصحح مطالبة العضو وأنها – للحق – مجرد مسودة مقصورة على منح الوسام للأعضاء المميزين والمميزين، وهو إيضاح لباب مفتوح ومدعاة لخلافات مقبلة بين المميز الحقيقي ومن يرى نفسه مميزاً، حتى وإن كانت هذه المسودة لم تأخذ حقها في حوارات المجلس، أو أخذ أحد الحماسة ورأها ضرورة قصوى، وحقاً مشروعاً، فسأدخل معكم إلى شيء من التساؤلات، والرؤى حول هذا الفتح العظيم لمجلسنا الموقر.
المؤيدون من خارج إطار المجلس للمسودة، ومن يبصم عليها بالعشرة من ذوات الحضور المكاني، مخططون جيدون ويُغَلِبُون في هذه الحال الذكاء أكثر من أي وقت مضى، لأن في التأييد إشارة باكرة بالرغبة في الانضمام إلى المجلس والتضامن مع أي مسودة لمشروع، حتى وإن كان المشروع لا يتعدى في فعاليته وجدواه وأهميته قاعة المجلس الكبيرة.
لماذا تتفتق أذهاننا على الرغبات الشخصية، ونتحمس لها أكثر من مطالب فعالة تتعلق بالصعيد العام، وذات شأن محلي أهم، هل هناك وقت طويل من الصمت في أروقة المجلس يستدعي الانشغال بالتفكير في أمور جانبية والإعداد لمسودات شخصية؟ وإلا أن عدداً من الأعضاء يخشى أن يغادر من دون مجد شخصي، إذا كان صيت اسمه لم يتجاوز يوم التعيين! وبعيداً من كل ذلك إذا كان منح «الوسام» حصرياً للمميزين، فقد لا يكون هناك معنى من بقية الأعضاء غير المميزين، ويستحسن أن يتم تصنيف الأعضاء ابتداءً من المميز، ونزولاً الى الدرجة الأخيرة التي تحمل «عَكْس المميز»، وإضافة إلى ذلك فنحن بحاجة ماسة وحاسمة ومهمة ومنتظرة لمعرفة معايير التميز داخل أجندة مجلس الشورى، متمنياً ألا يحسب العضو الذي فهم المسودة بالخطأ، أو أخرج المسودة الخطأ من ضمن التصنيف «ممتاز» لأعضاء المجلس.