لكل أزمة نزعات تدفعها إلى السلبية. وعوامل تجعلها تصنف بالظاهرة . وأزمة العقل والعقلية والفكر ..هي اكبر الأزمات التي تواجه الحالة العربية الراهنة . ومنذ عقود طويلة . التفكير العربي عامة . والديني خاصة . يغلب عليه التوجه الماضي والتغني بالأمجاد والمآثر والانتصارات وتمجيد الرموز والأبطال والشخصيات التاريخية لدرجة التقديس ! وذلك عبر منهج انتقائي غير عملي يبرز للحظات المضيئة في تاريخ يمتد لأربعة عشر قرناً . مع تجاهل تام لألف عام من الحروب والنزاعات الدموية بين المسلمين أنفسهم ــ كما هو حاصل الآن ــ وبينهم وبين الآخرين مما يُفزع الفكر العربي من نقد الرموز والأبطال. إذ لا يجب أن يذكر إلا المحاسن والإيجابيات فقط . ظناً بأن أي نقد للتاريخ الإسلامي . نقد للدِين والدنيا ! مع إن تاريخ المسلمين ، تاريخ بشر لهم وعليهم ولا حصانة لأحد مهما عظمت مكانته .. ومن هذا المنطلق نجد أسلوب التفكير العربي ما زال أسيراً لمقولات القدماء . الذين لديهم حلول لمشكلاته الحاضرة . وهذا تجسده عمليات اللجوء إلى الفتاوى في كل صغيرة وكبيرة من أمور دنيانا مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ” أنتم أعلم بأمور دنياكم ” ثم أن هناك النزعة الذكورية أو الصبغة الذكورية ! هي غالبة على نمط التفكير والخطاب العربي و “أعلوية الذكر” هي القاعدة التي تحكم العلاقة بين الجنسين بغض النظر عن التشريعات والدساتير ومواثيق حقوق الإنسان وحقوق النساء ! فالمرأة مهما عظمت مكانتها وتقلدت مناصب قيادية . وقادت السيارة . ومارست الرياضة . وتوظفت كاشيرة .. فهي لا تخرج عن كونها أنثى رمز للغواية والفتنة ـ في نظر الكثير ــ لا إنساناً مكرماً من قبل الخالق عز وجل . له كافة الحقوق والتي للرجل . ولذلك يؤمن الفكر العربي والعقلية العربية بفرض الوصاية على المرأة لمراقبة تصرفاتها وترشيد سلوكها وضبط تحركاتها ..! ولو أجريت استفتاء عاماً في أي بلد عربي في قضية متعلقة بالمرأة . لوجدت الأغلبية في غير صفها وضدها وساخطاً وداعيا عليها بالموت ! لا يرى الفكر العربي في ( منع ) المرأة من السفر أو القيادة أو البيع .. أي تمييز يذكر . والفكر العربي ما زالا مؤمناً بأن مهمة المرأة في الحياة لا تخرج عن أمرين ؛ أمتاع الرجل وتربية والأولاد ! ومن نزعات العقل العربي والفكر العربي نزعة الهروبية . يتميز بهروبه من مواجهة مشاكل المجتمعات العربية وعدم تحمله المسؤولية عبر تحميلها للآخر الغربي المتفوق ! لذلك سمعنا عن نظريات التآمر في الساحة العربية وتلقى رواجاً منقطع النظير سواء على مستوى العامة أو النخبة ..! وهو أيضاً فكر إقصائي للآخر المتخلف ديناً ومذهباً أو طائفة.. ونظرية ( ما عندنا خير مما عند الآخر) هي الحاضرة وبقوة . خاصة في أيام هذه ربيع الثورات العربية ! وذلك هو التخلف المركب . الأزمات العربية كثيرة لكن يبقى أزمة العقل والفكر العربي من أخطرها على الأمة العربية والإسلامية بنزعاتها المتخلفة .. والحمد لله على نعمة العقل.>
شاهد أيضاً
الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة
صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل : انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …