قرأت مقالةً لأحد الكتاب, عنونه بحقيقة التنمية في الجنوب, وكان الكاتب يذكر في موضوعه أنه زار جنوب المملكة صيف هذا العام وسره كثيراً ما شاهده من مظاهر التنمية الخدمية المزدهرة في تلك الانحاء, ويضيف أنه كان مبهوراً من مشاهدة الأسفلت وقد وصل إلى بيت منزوٍ في أعلى جبل شاهق أو آخر في بطن شِعبٍ سحيق, أيضاً يلاحظ الكاتب أن الكهرباء تم إيصالها لتلك الأمكنة برغم وعورتها وصعوبتها, ثم يبدأ في سوق ما تحتقنه نفسه من تراكمات مناطقية سخيفة, فيقول بأن أهل الجنوب أزعجونا بكثرة نياحهم وصياحهم بأن التنمية في الجنوب شحيحة, ويقارن مظاهر التنمية الخدمية التي شاهدها بنظيراتها في مناطق المركز, ويرى بأنها متفوقةٌ عليها.
وحيث إنه من الواجب القول بأن ما شاهده الكاتب من مظاهر التنمية كانت بجهود الدولة ومشاركة وتفاعل المواطنين, فالأسفلت الذي شاهده يصل لبيتٍ منزوٍ في بطون الأودية السحيقة, أو معتلياً فوق جبلٍ شامخ, صعب الطرقات والممرات, إنما دفع تكلفته المواطن من جيبه الخاص وعلى نفقته, فكل مترٍ من الأسفلت بثمنه وعلى الكاتب الحساب, كذلك أعمدة الكهرباء التي شاهدها ترتفع بالضياء حتى تصل بها تلك الأمكنة الوعرة, إنما بعضها هي أيضاً مدفوعة الثمن, وبمشاركة من المواطن المستفيد في بعض الحالات, فكل عمود كهرباء يتم نصبه بحساب خاص, وكل سنتمر من الأسلاك بحسابه, ولا شيء بالمجان, وعلى الكاتب أن يمارس الحسبة لتلك التكاليف التي تثقل كاهل المواطن بدلاً من ممارسة واستحضار ما عفى عليه الدهر من احتقانات مناطقية وما قد يتبعها من مشاحنات لا تعود على الوحدة الوطنية بأي خير.
على الكاتب وغيره ممن يحلّون ضيوفاً على مناطق الجنوب أن يحترموا المكان الذي اضافهم أولاً, ثم يحترموا المصداقية والإنصاف والعدالة في القول والرأي وعدم التعرض لأي أمرٍ من شأنه أن يبعث على الفرقة والشتات بين أفراد المكون الوطني الواحد, إذ إنه من الواجب أن يسود الاحترام والتقدير بين الجميع, ومن مظاهر ذلك الاحترام, تقدير الجهد والعناء الذي يصنعه الآخرون, والشعور بمعاناتهم, بدلاً من مصادرة حقوقهم, والتجني على منجزهم, وما تبذله الدولة من نفقات كبرى لمختلف المناطق.
في النهاية لو تحدثنا من واقع الأرقام والاحصاءات الرسمية حول حجم التنمية وما تم تقديمه من مشاريع تنموية خدمية على الأرض, فإن المقارنة وحتماً لن تكون في مصلحة الكاتب.>
شاهد أيضاً
الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة
صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل : انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …