لم يكن الحديث عن الأضحية قبل عشر سنوات إلا في إجزائها ،وسلامتها من العيوب،ولم تكن القيمة الشرائية للأضحية تشكل ظاهرة يتحدث الناس عنها كما يحصل اليوم لدى البعض خاصة أن القيمة الشرائية تجاوزت السقف المعقول ،وأصيب البعض بالرهاب ، والغثيان ،والتردد على الأسواق، وأخذ الحديث عن الأضحية الأولوية والأكثر تداولاً في شرق البلاد وغربها،وفي طول البلاد وعرضها ،وسهلت تقنية الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي نقل المشهد بكل رواياته وأبعاده ومن كل زواياه،ما جعل البعض يتراءى بعبع الأضحية في منامه خاصة وهو يسمع من ينادي بقروض بنكية لأجل شراء الأضحية ، وهناك من اشترى أضحيته بأقساط ميسرة والذي أود أن أصل إليه هو لماذا هذا التهويل واستكثار القيمة في أَمرٍ أمر الله به،ولم يكلف الله نفساً إلا وسعها.
في مناسباتنا وزواجاتنا نغض الطرف عن الحديث عن القيمة ونُسرف،أما في مسألة الأضحية فيكثر الحديث ويُدشن كل واحد منا وكالة أنباء مستقلة،ويتحدث عن طريق المباهاة بشرائه بمبلغ وقدره ( ؟ ) وكان أولى ((إن تبدو الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير))أظن أن هناك وعي وتصحيح لدى الكثير من الأحباب ممن يدرك الحكمة من الأضحية في قوله تعالى: (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم)المزايدات والتفاخر بالأضحية لدنيا يصيبها الإنسان محبط للعمل بلا شك وأولى بنا أن نتجه إلى طريق التقوى ،ونُفيد من الأضحية ، ونطيب بها نفساً،ونحسن النية ،ونتبع الهدي النبوي، ولا نستكثر ما دفعناه من مبلغ مالي عسى الله أن يجعل لنا بكل شعرة منها حسنة.
أنا لا أتجاوز مسألة الغلاء وأقفز عليها وأهون من شأنها وهي تمس شريحة كبيرة ، لكن أولى أن أوجه سؤالاً مفاده أين تكمن المشكلة ؟! ولماذا نتظاهر بوجود مشكلة وفي أيدينا الحلول التي تخرجنا مما نعاني من أزمات؟!وإذا كانت شبكة التواصل العنكبوتية تُجيد لغة الإثارة والتحريض فيبقى لدينا رجاحة عقل وحكمة واتزان ووعي تجنبنا الانزلاق في مستنقع الغلاء الفاحش.
بلا شك لدينا عدة مشكلات تتمثل في مشكلة الغلاء الفاحش ،ومشكلة الجشع والطمع لدى الباعة الذين يضعون أسعارهم وفق ما أرادوا، ومشكلة الجهات الرقابية الشبه غائبة التي لم يعد يهمها حماية المستهلك ،ومشكلة وعي المستهلك،ومشكلة غلاء متطلبات المواشي.
لكن تبقى المشكلة الكبرى في مرمى المستهلك الذي لديه الحلول والبدائل التي يستطيع من خلالها أن يكبح جماح البائع أو المورد لكنه غير متشجع ونشط في استخدام مهاراته ، بل إنه مع شديد الأسف يدفع نحو غلاء أسعار المواشي، تلاحظ ذلك في نمط التغذية لدينا والذي لا تخلو فيه أي وجبة من وجباتنا من اللحوم لأن هندسة الجسم لدينا أصبحت تحتم علينا أن نكون من آكلات اللحوم ،ما جعل رفع السعر مُبرراً وخياراً لا رجعة عنه لدى البائع،وممارسة غير إنسانية من البائع تصب في استغفال المستهلك وذلك حينما يشتري الرأس بأربعمائة ريال سعودي من الدولة المجاورة ويبيعه بما يزيد على الألف في أسواقنا وكان أولى بالجهات الرقابية أن تُسرِّع في سحب تصريح الاستيراد المُتلاعب فيه أصلاً ،وفتح المجال لكفاءات أخرى يكون لديها على كل رأس هامش ربحي محدد ومعقول ،يضاف إلى ذلك تفويت الفرصة على طمع البائع والمورد بتجريب التعامل مع الجمعيات الخيرية الرسمية والتي تبيع الأضحية برسوم معقولة وتصرفها لمستحقها في وقتها،أظن هذا الخيار سيخفض هامش الربح لدى البائع إلى مستوياته الدنيا.
أتمنى ألا تخطفنا ظاهرة الغلاء وتنسينا رمزية وقيمة أيام ذي الحجة فهي أيام تكبير وتهليل وتعظيم لشعائر الله ((ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ))
أتمنى ألا تخطفنا ظاهرة الغلاء وتنسينا قوله تعالى (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم)
أتمنى ألا تخطفنا ظاهرة الغلاء وتنسينا ( أياماً معدودات )
أتمنى ألا تخطفنا ظاهرة الغلاء وتنسينا فرحة وبهجة العيد والتوسيع على أولادنا وصلة أرحامنا.
وأخيراً أتمنى أن نُدرك الفرق بين الضحية والأضحية وألا نكون خالي الوفاض من الأجر والثواب فنكون الضحية،تقبل الله ضحاياكم،وسدد الله خطاكم؛
>
شاهد أيضاً
الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة
صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل : انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …