هؤلاء الذين يفردون عضلاتهم في معرض الكتاب ويتوعدون بأصواتهم محاكمة الكتب والعلم والمعرفة لا يفعلون شيئاً بأكثر من فضح وصايتهم البطركية على الملايين، ولا يفعلون شيئاً بأكثر من غرس صورتهم أمام عشرات الآلاف من زوار المعرض.
وإذا كنتم تريدون من المجتمع بأكمله أن يكتشف مشروعهم على حقيقته فاتركوهم يفعلوا ما شاؤوا حتى يستيقظ هذا المجتمع ليعرف بالضبط إلى أين يقوده هؤلاء وإلى أي مجهول معرفي يريد هؤلاء أن يأخذوا هذا المجتمع إليه.
هؤلاء يكشفون عورتهم أمام آلاف الزوار ويتبرعون بكشفها، لأنهم يظنون أن هذا المجتمع يود العودة إلى عصور – المستعصم – ولأنهم يعتقدون أن الكتاب مازال ينسخ على أديم الجلد وورق البردي. وهؤلاء الذين يعيشون في غياهب القرون الوسطى مازالوا يعتقدون أن الكتاب نسخة وحيدة جاءت للمعرض من أرشيف متحف إسطنبول، أو وصلت إليه من صاحب النسخة في زبيد، أو مؤلفه في إقليم هرات أو طاشكند.
دعوهم يكشفوا أنفسهم ومشروعهم، ليعرف آلاف الشباب من الأجيال الصاعدة إلى أي (غيتو) مغلق، أو أي كهف مظلم يريد أن يأخذهم إليه هؤلاء. دعوهم يفضحوا مشروعهم أمام آلاف الشباب من الأجيال الجديدة، كي يكتشف هذا الجيل ذلك – البديل البطركي – على الفكر والثقافة.
دعوهم يفعلوا ما شاؤوا في كل دهاليز المعرض، وأمام آلاف الزوار، لأنهم يعتقدون أن الكتب والعلم والمعلومة هي فقط ما تفتحه (الكراتين) على الأرفف، لأنهم مازالوا في عوالم الأمس البعيد، أسرى لمفاهيم (غزوة ذات الكتاب)، ولن يدركوا أبداً أن كل الكتب في الأرض تحمل اليوم في قرص ممغنط بحجم الإبهام في عصر ثورة الاتصالات.
مازالوا يعتقدون أن الجيل الجديد يسهر على مسلسلات القناة الأولى، ويشتري الكتب من مكتبة مؤدلجة بشارع العطائف، أو أخرى تشبهها بطبجية أبها، ويأخذ الحبر والورق من تجار – الزبير – العائدين به من البصرة على ظهور الإبل.
دعوهم يطرحوا مشروعهم أمام الجيل الجديد، ليكتشف هذا الجيل إلى أي بديل يأخذونهم إليه. دعوهم يفضحوا أنفسهم أمام الجيل الرقمي الذي ينشد العلم والمعرفة والحرية.
>
شاهد أيضاً
الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة
صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل : انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …