أظنُّ أنَّ من الصواب أن يحرص الإنسان على تنمية أي اهتمام مُثمر من اهتماماته التي يحبها ، ويميل إليها إلى جانب تطوير ذاته المستمر في مجال عمله الرئيس .
بمعنى ألا يبقى الإنسان حبيس حياته العملية الجادة المرهقة دون أن يسعى إلى الاستمتاع بأي اهتمام شخصي يجد فيه سلوة تنسيه نصب العمل ، ورغبة تجدد حياته ، وتنوع طرق تفكيره وإبداعه .
ويستوي في ذلك الصغار والكبار .. بل إن الصغار هم الذين يحتاجون بشكل أكبر إلى هذا بتوجيه مبكر ، ودعم مؤثر .
ولعلَّ من المفيد أن يوجه الإنسان نفسه إلى اهتمام نافع مفيد ذي أهمية يستمر معه سنوات طوال .. وليست الرياضة البدنية لمن يحبها اهتمامًا آخَر ؛ لأن الرياضة ضرورة للجميع ، بل إن الرياضي أيضًا بحاجة إلى إيجاد اهتمام آخر له يغير نمط حياته ؛ فيجعلها متجددة متنوعة مفيدة ، يجد فيها مرحلة حياتية جديدة بعد أن يبتعد عن مجال الرياضة ، أو يصبح مُقلا في ممارستها بسبب التقدم في السِّن .
إن الطلاب والطالبات هم أكثر من يحتاج إلى مثل هذا بعيدًا عن دراستهم وتخصصهم بعد انتهاء الدراسة ؛ ولذا فإن على الوالدين والمعلمين دورًا كبيرًا ومُهمًّا في هذا الأمر .. فكم من طالب تخرج في المرحلة الثانوية وهو لا يعرف سوى ذلك الكم الهائل من
المعلومات والمعارف التي تلقاها ، ولا يزال يذكرها .. وكذا حال الفتاة التي تعلمت ودرست .. والطالب مارس الرياضة ، والفتاة تعلمت الطبخ ، وبعض مهارات الخياطة والتطريز .
واكتفى الطالب والطالبة بذلك .. وأضاعا أوقاتًا كثيرة في اللهو والخروج والسفر والبقاء خلف أجهزة الحاسوب بقاء طويلا لا فائدة فيه .
بينما كان الأجدى أن يبحث كل منهما عن اهتمام يحبه ؛ فيعمل على تثقيف نفسه فيه ، وصقل صِدق توجهه إليه .
لقد برز كثيرون في مجالات عدة لقاء اهتمامهم بتلك المجالات .. ففقهاء قالوا شعرًا جميلا في الحكمة ، وأطباء صاروا مفكرين ، ومؤرخون كتبوا أدبًا جميلا في الرحلات ، واقتصاديات بَرعن في التصميم .. والأمثلة في هذا كثيرة جدًّا .
وجميل أن تجد من يستثمر أوقات الفراغ في تنمية اهتمامه الآخر كالكتابة أو الرسم أو التصميم أو التصوير أو زيارة الأماكن التاريخية أو الأعمال التطوعية .. فهذه الأعمال تضمن للإنسان بعد توفيق الله النجاح ، وتحقيق الذات ، وخدمة الإنسانية ، واستمرار العطاء حتى بعد التقاعد حين يبتعد الإنسان باهتمامه المُنَمَّى عن الشعور بالفراغ المُكّدِّر ، والرتابة المملة .
كل إنسان منا لديه طاقات هائلة أودعها الخالق سبحانه فيه .. وهذه الطاقات ستظهر قوية مؤثرة متى ما عمل الإنسان على اكتشافها من خلال إحساسه بنفسه ، واعتداده بما لديها .. بدون غرور مرفوض ، أو تكبر مردود .. ونجاة من تضييع الأوقات فيما لا يفيد ورغبة في نقل تجربته الناجعة لمن هم حوله ؛ فتُعمم الفوائد ، وتتجلى الفرائد .>
شاهد أيضاً
الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة
صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل : انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …