شرفت بقراءة مقال الدكتور ذعار بن محيا وفقه الله وحيَّاه تحت عنوان (( فردية المدراء )) وأنا قارئ جيد لمقالاته ،واستمتع بتنظيره الإداري الخلاق ،وحضوره الذهني ،وإشراقا ته الرائعة ،وأكبر فيه حسه الإداري في زمن نحن أحوج إلى إلهام إداري خلاَّق، لا سيما أننا نقف في مفترق الطرق ،وصافرات الإنذار تطلق التحذيرات تلو التحذيرات ،منذرة بوجود أزمة إدارية حقيقية في مؤسساتنا افتعلتها إدارات مختطفة غير مؤهلة !!..أُخِذَت مع شديد الأسف غلاباً !!…وإن كانت الكفاءة إحدى اشتراطات تلك الإدارة ،لكنها لم تكن الأولوية بالطبع ،عند فريق يُقدس لغة المصالح ،والواسطة ،والعلاقات التي كان لها الصدارة في ترشح ذلك المدير، الذي اختبأ خلف مقود الصلاحيات ،ومارس أقصى درجات التحييد ،والتهميش ،وسَخِرَ من جميع المواهب ،والكفاءات، وعطَّل الطاقات ،وأشاع ثقافة التوحش ،والازدراء ،والاستعلاء ،على قاعدة ما أريكم إلا ما أرى…وبالتالي أدخل فريق عمله، وموظفيه ،ومؤسسته ،في مناخات تشاؤمية ،وصراعات ،وتعقيدات ،تنذر بمخرجات ،وإنتاجية لا تخضع لأدنى مستويات الجودة ،لأن فريق العمل فقد الأمن، والعشق ،والانسجام ،والتوافق الوظيفي ،ونسبة الضبابية المهنية بلغت أعلى مستوى لها في التعامد ،والتقاطع ،بين الرئيس والمرؤوس، والتقارير الأولية تشير إلى أن الحالة الوظيفية مع مدراء التأزيم تمر بحالة حرجة تستدعي تدخلا جراحيا فوريا،وإخلاء سريعاً،وعمليات استباقية لاستئصال الورم الخبيث ،وإعادة تأهيل فريق العمل برد اعتبارهم مادياً ،ونفسياً عما افتقدوه من حنان ،ونتيجة ما عانوه من متاعب ،ومصاعب ،ومخاطر ،ورُهاب ،وما تعرضوا له من صدمات ،ربما طالت بُناهم العقلية وولَّد لدى البعض عاهة مستديمة، وسلوكاً غريباً، وانفصاماً في الشخصية،تدفع الأسرة والمجتمع بأكمله الثمن غالياً ،وهذا ما في وسع إدارة التأزيم أن تقدمه للمجتمع.
بلا أدنى شك أن المدير مؤتمن ،وضامن ،ومسئول عن العهد ( إن العهد كان مسئولا ) ومطالب بأقصى درجات العدل، والاقتراب من موظفيه ،وقطعاً سيكسب احترامهم حينما يقدر أتعابهم ،ويشاركهم أفراحهم ،وأتراحهم ،ويمشي أمامهم وليس ورائهم ،وعلى العكس ذلك المدير الذي يستثمر مركزه الوظيفي لمصلحته الشخصية بالدرجة الأولى ، ويتحدث بنبرة هتلرية مفادها من ليس معي فهو ضدي ، ويُمرِّر إشارات التحييد ،والتمييز ،وتضييق الخناق ،على من يعتبرهم خصومه ، فهذا ضرره أكبر من نفعه ، وبيئة العمل إذا كانت تأزيمية بهذا الشكل فإنها تعيش تصحراً أخلاقياً ، تستبعد التوافق ،والانسجام، والتعاون ،والاحترام ،وتستدعي مفردات التشاؤم ،والانفلات ،والسخط من العيار الثقيل ،وتُنحي بيت الخبرة ،وقطعاً ستكون نتائج هذه البيئة بَطَالة مُقَنَّعة ، ومخرجات معدلة وراثياً ، وسوق عمل كاسدة.
وأمام هذه النتيجة الحتمية المتوقعة فإننا نحتاج إلى خارطة طريق للتعامل مع مدراء التأزيم ،وإن أثبتنا إبتداءً أنهم زئبقيون لا هم لهم إلا الحفاظ على الكراسي، والتقاط الصور،وصياغة التقارير المزيفة ،التي يمهرونها أرق المشاعر لإطالة عمرهم الإداري !!! ويجدر بي أن أتساءل ؟؟ما قيمة خارطة الطريق والأبواب مقفلة،والبوصلة منحرفة ،والحالة تُشخص بالموت السريري ، ولدي يقين أن المشكلة تكمن في ملعب إدارة التأزيم لأنه قلَّما تجد موظفاً أو فريق عمل يقصر في واجبه المنوط به في الوضع الإداري الطبيعي…..سُئل أحد المسئولين الصينيين في أحد المصانع عن الإجراءات التي تتخذها إدارة المصنع مع العامل الذي يقصر في أداء واجبه ،فلم يفهم المسئول الصيني سؤاله لأول وهلة وطلب من السائل إعادة السؤال مرة أخرى … فلما أعاده السائل واستوعبه المسئول جيدًا نظر إليه بدهشة واستغراب وسأل بحيرة ؟!! ولماذا يقصر العامل في أداء واجبه ؟ألم ينتقل من منزله إلى المصنع من أجل أن يعمل وهز المسئول الصيني رأسه قائلاً إن ذلك أمر غير وارد ولم يحدث من قبل ولا داعــي إلى التفكير في أمور غير واردة!!!..
وأزعم أنه لو وُجد قَدَراً ذلك الموظف الكسول المقصر فأظن مرد ذلك لحرمانه من الحوافز والتشجيع وفقدانه الدفء من قبل إدارته (إذ أن المدير الحقيقيُّ هو من يستطيع تحفيز المجموعة وإقناعها وإشراكها في تحقيق الهدف)وإذا كان المدير لا يستطيع أن يلهم موظفيه ،ويحفزهم ،فلن يستطيع قيادتهم ،وبالتالي عليه تحمل أعباء مسلسل الفشل والتقصير الذي يستطيع أن يحققه الموظف دون أن يبذل أي مجهود ،خاصة إذا رافق ذلك خواء روحياً ،ووجدت تغذية راجعة ،ومثيرات أسهمت في عرض ذلك المسلسل بكل أبعاده ،وفصوله ،لأجل ذلك كانت وظيفة الجهاز الرقابي مهمة في حراسة وتأمين نظام العمل كما يجب ،لا كما يريد مدراء التأزيم في ارتهانه لصالحهم ،ولغرض تصفية خصومهم.
والتساؤل الذي يطرح نفسه هو ((الجهاز الرقابي على من،ولماذا،وكيف؟!! )) لأن الملاحظ أن هذا الجهاز تحول وأصبح وأضحى وأمسى وأخواتها بقدرة قادر أداة طيِّعة بيد المدير وشِبيحته لتصفية الحسابات ،وانتهاك أبسط حقوق الموظف ،وممارسة لعبة قذرة ، وأعمالاً استفزازية مخلة بالعقد الوظيفي ،إذا ما أضيف إلى ذلك وأد الإنتاجية ،والإبداع ،والطموح،وتحييد الكفاءات الجادة، لغرض تكريس نظرية الصراع من أجل البقاء في قُمرة القيادة.
الفساد الإداري قاصمة الظهر، ومحاربته أولوية ينبغي أن ندفع نحو تقديم الفاسدين ومن يتستر عليهم إلى الجهات المختصة للأخذ على أيديهم ومحاسبتهم ،وهو توجه نادى به خادم الحرمين الشريفين حفظه الله لإدراكه أن الفساد عقبة كأداء ،كبَّل عجلة التنمية ،وعطل الطاقات ، وسَفَّه العقول ، وأهدر الموارد ،وللقضاء على الفساد بكافة أشكاله ينبغي أن يُسيَّد النظام ويسع الجميع، وينبغي أن يكون هناك تواصلاً مع الجهات الرقابية وفي مقدمة هذه الجهات أمراء المناطق وفقهم الله لإطلاعهم بحجم المخادعة والممارسة الخاطئة للصلاحيات التي كان لها الأثر الكبير في تآكل وتفتيت النسيج الوظيفي ، وظهور أعراض وظيفية أسهمت في رداءة المنتج ،والمخرج ، وإني على ثقة أن الجهاز الرقابي إذا فُعِّل واطَّلع بمسؤولياته ،فسوف نجد سوق عمل تنافسية ناجحة لا مجال فيها لأرباب الفساد ،ومدراء التأزيم.
شاهد أيضاً
الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة
صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل : انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …