حضرت اجتماعا قبل عدة أيام ، قرر فيه المجتمعون التصويت على جميع قراراته ؛ تحدث كل عضو قبل التصويت بما لديه من قناعات بكل حرية حول الموضوعات التي في جدول الأعمال ؛ ثم بدأت عملية التصويت على القرار.
اتخذنا القرار بفارق نسبي يسير ، لكنه كان ملزما لنا جميعا .
المبدأ الأساس الذي قام عليه مبدأ التصويت هو المشاركة في اتخاذ القرار ، ليشعر الإنسان بأنه جزء من المنظومة ، وأنه حر في اتخاذ القرار الذي يقتنع به ، لا يخضع للإملاءات والأوامر الصادرة من غيره .
بعد الاجتماع رجعت بي الذاكرة لعشرات المواقف من الحياة ؛ على مستوى الأسرة والقبيلة والعمل ، تأملتها وعلمت أن كثيرا من مشاكلنا كان سببها هو محاولة تهميش الآخرين والإنقلاب على رغباتهم وقناعاتهم .
بل هناك رغبة من البعض أن يكون الإنسان كجهاز الكمبيوتر يمكن أن تلمس أزراره لينفذ لك جميع رغباتك دون مخالفة .
أيها الكرام : المجتمعات المتحضرة ترى أن التصويت هو من يحقق طموحاتها ويلبي حاجاتها ؛ وقد رأينا نماذج حية للأقلية وهم يُذعنون لرأي الأكثرية ، بل يطيرون فرحا لكون الجميع يشارك في عملية التصويت وإن كان خلاف رغباتهم .
قد تصدم أحيانا بمن يتحدث حديثا منمقا عن احتواء الفريق وقبول الآخر ، ومحاولة التعاون مع كل مخالف للرأي ، والتجرد للمصلحة العامة ، ولكنها تنكشف سوأته قبل أن يقوم من مقامه .
التحدي الحقيقي هو أن يترجم الإنسان القيم التي يتحدث عنها إلى واقع ملموس من غير تصنع أو تزييف .
ما المانع أن تجتمع الأسرة الصغيرة وتتخذ قرارا بالتصويت ولو كان في أمر يسير كتعديل وضعية أثاث المنزل ، أو تحديد موعد مناسبة للأسرة ، أو اختيار وجبة العشاء أو …، وتبدأ عملية التصويت من الصغير والكبير ثم تُجمع عدد الأصوات ويكون الرأي الغالب هو صوت الأكثرية الذي يؤخذ به .
عندما يتربى الابن الصغير على احترام إرادة الآخرين سيخرج للمدرسة والمجتمع محبا للناس محترما لرغباتهم ، و سيجد كل تقدير من المجتمع المحيط به .
وأرى أن شيوخ القبائل ، وأهل الرأي في كل قبيلة عليهم أن يتحملوا المسؤولية في نشر هذه الثقافة ، ويجب عليهم أن يُؤسسوا لهذا المبدأ في اجتماعات القبيلة لأن السائد حاليا في القبائل مع الأسف أن من يطبخ القرارات هم زمرة يجتمعون ليلا ويتفقون على التفاصيل ، ثم يُلزمون بها غيرهم في النهار بأسلوب لا أريكم إلا ما أرى .
عبدالله بن حسن الشهري
المشرف التربوي بتعليم النماص
>