النفوس المشرقة

image
أرسل إليَّ أحد الإخوة رسالة طويلة كلها تشاؤم من كثير من الظواهر الاجتماعية التي نسمع عنها بين فينة وأخرى ، وهي ظواهر موجودة منذ القدم ، لكن ما ساهم في الإخبار بها سهولة التواصل بين الناس في هذا العصر عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة ، مع رفض العقلاء لهذه الظواهر ، ووقوف الدولة لها بالمرصاد من خلال مصادر التشريع فيها .

فرددتُّ له بمقطع لصبيان صغار مشرقين من جنسيات مختلفة يتنافسون في حفظ كتاب الله يجمعهم الدين ، الدين القويم الذي ضمن للناس هناء حياتهم ، وسعادة آخرتهم .
نحن دائمًا ما ننظر إلى الحياة باحثين عن الأخطاء حتى إذا ما وجدناها قمنا بنشرها والتوسع في الحديث عنها دون أن نبحث عن أسبابها وطرائق علاجها !!
مع أن من الأولى لنا أن نكون أكثر تفاؤلًا واستبشارًا ؛ عملًا بهدي معلمنا عليه الصلاة والسلام .
كثير منا دائمًا ما يلوي عنقه ؛ لينظر إلى الجانب المظلم من القمر ، ويترك الاستمتاع والتنعم بالنظر إلى الجانب المنير منه .. أفلا نتعلم من القمر ؟!
يتعلق البعض بالأخطاء الفردية ؛ فيجعل المجتمع كله مسؤولًا عنها ، مع أن في المجتمع كثيرًا من الأمور الجميلة ، والمواقف الإنسانية التي تزيد الإنسان اعتزازًا بدينه ، وفرحًا بمجتمعه لكننا لم نبصر الأمور سوى بعين واحدة !!
ولنعد بالذاكرة إلى أيام جميلة قريبة عشناها في رمضان حين كان الناس قريبين من ربهم ، متعلقين بكتابه ، ومطالعين لسُنة نبيه عليه الصلاة والسلام ، فكم من الظواهر الاجتماعية الجميلة رأيناها ! وكم من المواقف النبيلة سمعناها ! وكم من الأخلاق الحميدة طبقناها !
إن التشاؤم والضيق بالواقع يجعل المرء حزينًا غير قادر على العطاء والإبداع ، وهذا ما يبحث عنه الكثيرون مِمن لا يريدون بالناس الخير ، والتفاؤل خير كله يجعل الإنسان منشرح الصدر باحثًا عن التميز والتألق من أجل السمو بنفسه وبالآخرين ، وهذه رسالة عظيمة من رسائل القادة والمفكرين والمصلحين ” إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت ” [ هود 88 ] .
ولا يزال ينتابنا الكثير من التقصير في إبراز الصورة الحسنة لديننا وأخلاقنا ومجتمعنا المتفرد حتى على مستوى الإعلام والأعمال التي تُقدم ؛ فنحن لا نرى سوى إعادة لكثير من أخطائنا ، نراها ، وربما ضحكنا منها ، ونحن في الأصل نضحك من أنفسنا ، أليس هذا خللًا حتى في فنوننا ؟!
نحن مطالبون بأن نكون أكثر إشراقًا ، وأكثر تراحمًا ، وأكثر ترابطًا وتماسكًا حتى ننهض بديننا ومجتمعنا ، وأن لا نسرف في جلد ذواتنا ، ومعاقبة الجميع بأخطاء الأفراد ، فكل المجتمعات لا تخلو من الأخطاء ، لكن العبرة بمواصلة البناء والإصلاح والتنمية والدعم .
إن العبرة بالأفعال لا بالأقوال ؛ فالحياة تحتاج منا إلى العمل والإبداع الناتجينِ عن التفكير السليم المستَمَد من ينابيعه الصافية ، والبعد عن فضول الكلام ، وكثرة المِراء ، وتنوع الخلافات التي لا تورث سوى التأخر والتخلف !!

الكاتب

ماجد محمد الوبيران>

شاهد أيضاً

كم كنت عظيماً يا ابي

بقلم : د. علي بن سعيد آل غائب بمناسبة الذكرى الخامسة على رحيل والدي رحمه …

9 تعليقات

  1. أحسنت أبا محمد فلا يوجد شر محض ولا خير محض

  2. المهندس/علي فرحان ابو ثامر

    اخي الغالي ابو محمد مقال يشع بالتفاؤل الذي ما قل ان نجدة هذه الايام وهو التفاؤل المعتدل الذي يحكمة العقل والمنطق لا الاهواء والمزاجيات نعم الامه والمجتمع بخير وكما ان هناك جانب مظلم فهناك جانب مشرق يجب ان نحتويه ونتبناه وندع جميع المحبطات والمثبطات للمجتمع والامه نعم لقد ابدعت ابا محمد كالعادة وهذا ليس بمستغرب عليك بارك الله فيك وزادك علما ونفع بك

  3. أحمد آل عبدالمتعالي

    مقالة رائعة جدا جدا .

    ولكننا نعيش في زمن مخيف التفاؤل المفرط فيه خطأ كبير, فلابد أن نضع قاعدة امامنا دائما (قليل من التفاؤل كثير من الحذر).

    اكرر شكري وتقديري وتحياتي للاخ العزيز والمربي الفاضل (ماجد)

  4. مبدع يبومحمد دائما اتمنى لك التوفيق

  5. فهد القحطاني

    احسنت ومقالاتك تزيدني تفاؤل ومن قال االناس هلكوا فهو اول الهالكين

  6. بورك قلمك ودام بوحك السائر في طريق التفاؤل والنضج والاستشراف

  7. اظهار الخطأ ثم نقده لعدم الوقوع فيه ونشر مسبباته والحلول مطلوب دون اساءة لأحد وعدم التعميم والتشهير…
    شكر الله للاستاذ ماجد حرصه واجتهاده وابداعه…

  8. أعجبتني المقالة ؛ تبث التفاؤل وتبعث الأمل .
    لعل وعسى !!

  9. يوسف آل حازب

    كلمات رائقة . وعرض جميل . ولكن يجب أن لا نبالغ في التفاؤل فالنار من مستصغر الشرر . وكما قيل درهم وقاية خير من قنطار علاج .

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com