صحيفة عسير – أحمد شيبان
قبل أيام قليلة تشرفت بالحضور إلى أمسية في السرد والقصة أقامتها اللجنة الثقافية بمحـائل عسير التابعة للنادي الأدبي في أبها هذه الأمسية الجميلة التي حلَّق بنا كتَّاب القصة المدعوين إليها لسحاب الإبداع القصصي التي تكوَّنت في سماء هذا الصرح الثقافي الرائع بمجرد أن غرَّدوا..الأمر الذي أشعرنا جميعاً بفرح التواجد في مكان يشجع الإبداع ويخدمه..
كانت أمسية أظهرت من جديد أن الأحلام تنبت لها أجنحة إن آمنا بذلك..فهذه اللجنة كانت مجرد فكرة متقدة في ذهن خلاَّق وقلب شجاع..كل فكرة بذرة تنبت إن أسقيت بماء الإخلاص..سأختصر هنا قائلاً: حامد الصافي البذرة أصبحت شجرة مثمرة، شكراً لكل تلك الجهود.
ليلةٌ ماتعة إبراهيم عسيري كان متجلياً وهو يقدم الأمسية بفكره المنساب كنهر جار، وبلسانه العذب الجميل كنت كما نتوقع يا أستاذنا ودكتورنا الطيب الكريم نجماً فوق المنبر نجماً بين نجوم وما أجمل أن تجتمع الجواهر السماوية في العقود..
القصة تسيدت الأجواء التهامية..
القاص المبدع الأستاذ الدكتور محمد المدخلي طار بألبابنا إلى مدارات الثقافة الجازانية الأصيلة لتهبط إلينا من سطور قصصه الأبطال كما عهدناها،وتصافحنا قائلة نحن أنتم،وما أجمل القصة عندما تكون نحن..!
عبر قصة الختان الموغلة في الشعبية والعادات التي كانت عليها المجتمعات الجنوبية ..وهناك يأخذنا نحو الحب في الطفولة وإخضرار البئر..وهنا تتجلى مجموعته القصصية في “عرس القرية”..!
القصة أبدعت عندما تسلطن القاص الرائع فايع آل مشيرة بلغته المزركشة بالألفاظ العامية وكأنها تقول لنا، نجيب محفوظ أحضر لنا نوبل الأدب المنثور عندما جمع ما تناثر من دموع البسطاء في خان الخليلي ماذا الأدب إن لم يتحدث بلساننا؟!
نحن عرب نعم..لغتنا فصحى في التاريخ نعم..لكننا نبكي ونضحك بالعامي يا فايع..أبدعت يا صديقنا وأنت تكتب لنا،وبلغتنا في الشارع،وكنت رائعاً وأنت ترفع بردة ابرصياد وكأنها بيرق يتحدث لغة أستاذنا،وأديبنا الكبير إبراهيم طالع نعم لغتنا نحن..لا تهتم إن سموها لهجة..فاللهجة لغة..لن نلوي ألسنة الأرواح لنرضي النظريات النقدية النقدية هذا عهد،ووعد..وهاجر بنا نحو ذاك البوح في عيون حسناء رأت في شيخوختها أملاً بالوطن حين تعود حسناء جميلة حالمة بالوطن..وهنا تتجلى مجموعته القصصية “الحرمان”
وتنقَّل بنا نحو نصوص الـ”ق.ق.ج”
فكان الإبداع وكان الإمتاع..!
القصة أيضاً تراقصت في لغة محمد مانع الشهري..القاص الشاب المثقف عليك يا صديقي أراهن كنت متفرداً وأشرقت في قصة عفلقة فعرفت أنك شمس ستصعد وستصعد حتى تلمس هامة القصة العربية..أيُّها الشهري القادم من فوق الجبال أخبرنا عن الجبال واكتب،واكتب بلا توقف..كن أملاً،وجديداً..ولفائف الإبداع تحتاج أناملك..وفي قَصَّة “الهوائي ” كانت لحظة سقوط صوت الأرض طلال مداح وسواد الشاشة إيحاء آخر بموت اللحظة والغناء،والروح..وتجلت مجموعته القصصية “فتائل”.
فشكراً لجنة محائل الثقافية،وشكراً على كل شيء على الأمل على الواقع الثقافي البهي شكراً لكل فكرة نقدية حاولت تلك الليلة أن تتلطَّف فقست،وقست وهي الطيبة ربما بطبع المحب الذي يضخَّم أخطاء الحبيب فاللجنة جديدة وهذه بدايات،وما أصعب البدايات حين تسيرُ وحيداً..ومن هنا يجب أن نزرع الشتائل ولننسى المنجل قليلاً..فكل عمل بشري يحفَّه خطأ ما..وكما يقول الأستاذ والشاعر الكبير “صبر عسيري” أحمد عسيري
الشعوب تقدم تماثيل ومجسمات للشعراء،والقاصين،والروائيين،والفنانين،ولكنها لا تصنع تمثالاً للنقَّاد مهمـا كانوا..!
والكمال لله وحده ونحن كلنا هنا جنود في جيش واحد..نناضل من أجل الأدب والثقافة دعونا نذهب في الطريق معاً بقلوب بيضاء ووجوه مشرقة وأيادٍ كريمة فمحائل تستحق ونحن نستحق مستقبلاً أجمل تحلَّق فيه أقلام أهل محائل وضيوف محائل في سماء مفتوحة..!
دعونا نرى الأدب والنقد متعانقين بفرحٍ الأمسيات حبية والجهود مقدرة والحضور ينتظر لمسات وفاء لحروف الضيوف دعونا نغني لحن السواعد المتحدة كما نريد دعونا نتعاون جميعاً مثقفين ونقاداً وجمهوراً لنجعل محائل قبلة ثقافية تلوح بيديها لطيور الإبداع من كل فج..!
تماما كما فعلت تلك الليلة فلها ولكم جميعاً شكراً بحجم قلوبكم العظيمة.>