لا يصح ولا يصلح أن تتفرغ منابر الجمعة للهجوم والتحليل، أو التبرع بالحديث نيابة عن الجهات الرسمية ذات العلاقة، ولا يعقل أن يغمض خطيب الجمعة عينيه عن القضايا التي هو معني بها، ويذهب لما ليست له علاقة به، مستغلاً مكانته وموقعه، وتصدره الأسبوعي لمنبر اختير لتمثيله في إطار معلوم محدد، وبضوابط يفترض أن يكون أكثر من يتقنها.
رئيس كتابة عدل شرورة وخطيب جامع الإمام ابن حنبل في المحافظة هاجم مسؤولين من المحافظة واتهمهم بالفساد من دون تسمية لأحدهم، وفي ذلك ذكاء بالغ وتماس محترف مع الكراسي لا الرؤوس، كما أن في الهجوم جرأة وقراءة فنية تؤهله لأن يرشح مشرفاً عاماً على الأجهزة الحكومية لا متوقفاً عند أجندة ولوازم ومهمات كاتب عدل، وبل وفي خطوته المندفعة توجه شخصي بعدم منطقية أن تتوقف عند حاجز تعميم أو موضوع موحد.
وبعيداً عن بقية أسطر الخطبة والسباحة في مكان غير مهيأ للسباحة، وشحن المصلين في المكان الخطأ وبالطريقة الخطأ، سأعرج على شيء من اللمسات الخفيفة المقبلة على هيئة مقترحات، يمكن لها أن تضيء أو تترك المجال مفتوحاً، لأن يتحول منبر الجمعة إلى مكان مساعد ورديف لعمل الأجهزة الرقابية أو توزيع الأنظمة واللوائح.
المقترح الأول أن تتعاون هيئة مكافحة الفساد مع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف لجعل خطبة الجمعة بعيدة عن أي شأن ديني أو مجتمعي وتتحول كصوت رقابي ظهيرة كل جمعة، ويخرج بالخطبة من كونها لوعظ الناس وترشيدهم إلى صفع الناس وتشريحهم، والتعامي لبضعة أعوام عن كون خطبة الجمعة ليست بالمهمة السهلة الساذجة ولا يتعاطاها أي أحد، بل هي ثقافة ورسالة وهدف تنعكس على الحضور وتقرر قيمة المتحدث بها، ثم تأجيل خطبة الجمعة كدرس أسبوعي لما يجهله الناس في دينهم، واعتبارها خطاباً شعبياً أو مسودة عمل أو تقرير جهة رقابية، وإن أمكن فلتكن لعرض منجزات أجهزة حكومية أو تعرية لمشاريعها.
المقترح الثاني ألا يساءل كاتب العدل وخطيب الجمعة عن خطبته على الإطلاق، بل يعين مدة شهرين مديراً لمشاريع محافظة شرورة متمتعاً بالصلاحيات كافة، ويقوّم في نهاية الشهرين على ما تولاه من مهمات ومسؤوليات وما أعطي من صلاحيات، المقترح الثالث والأخير أن يستفاد من رؤية شيخنا الفنية والإدارية في ما لو تعذر تعيينه في المقترح الثاني، ويشكل معه فريقاً وطنياً من خطباء الجمعة أو كتاب العدل، للتدقيق والمعاينة في مشاريعنا الحكومية والحكم المستعجل بالفساد من عدمه وإعلان الفاسد فوراً.
الملاحظات وأوجه الفشل أو التقصير والتراخي موجودة في المدن الكبار كالرياض وجدة والدمام كما هي في شرورة وبقية المحافظات، وأبواب معالجتها مفتوحة مشرعة، بل إن حتى تصعيد ما هو مقلق ومربك فيها للأجهزة العليا بات متاحاً، ولا أقف بالمطلق مدافعاً عن أي مسؤول في المحافظة، لكني ضد أن يكون خطيب الجمعة الوحيد المبصر، فيما أجهزة الرقابة وهيئة مكافحة الفساد وقطاعات ولجان المتابعة مصابة بالعمى الكلي، ومنزوعة عنها المواطنة بالكامل، وترى بصمت وخجل «أدغال أفريقيا» كما رأى خطيب شرورة.
>
ان تكلم الخطيب في موضوع ديني قلتم خطباء الحيض والنفساء … وان تكلم في الشأن العام والمشاريع والتنمية قلتم لا شأن له بذلك … عجباً ففيم يتكلم .