صحيفة عسير ـــ تقريرــ عبد الاله شيبان
ريدة الجمال والطبيعة البكر لم تكن البيوت التاريخية وحدها التي تميزها بقدر ما كانت بساتين الموز ومزارع البن التي تحيطها من كل جانب جمالا آخر يضفي الى أنواع النبات التي تنحصر وسطها بأنواع عديدة وهذا ما جعل ريدة تتحول إلى محمية تعتبر الأصغر ضمن محميات المملكة ولكنها ذات تنوع بيئي مختلف يميزها أيضا أنها أصبحت مكانا لأكثر من 98 نوعا من الطيور البرية وأكثر من 300 نوع من النباتات الفطرية وتبعد محمية ريدة حوالي 20 كيلو متراً شمال غرب مدينة أبها؛ وتبلغ مساحتها 9 كيلومترات مربعة تقريبا. ويعتبر جرف ريدة جزءاً من الدّرع العربي الّذي يتكوّن بدرجة رئيسية من صخـور ناريّة متحرّكة. والمنطقة عبارة عن منحدرات شديدة تغطيها نباتات كثيفة تسودها أشجار العرعر. وهناك العديد من الروافد المائية التّي تنحدر من أعلاها وتصب في ريدة. وتمتاز بكونها محمية الأن ذات كثافة بغطائها النباتي وتنوّعه حيث توجد في أعلى الجرف غابات العرعر يليها إلى الأسفل أشجار العتم (الزيتون البري) والطلح وعدة أنواع من الصبار. أما الشّعاب فتحتوى على نسبة عالية من التّنوع والكثافة في الغطاء النباتي ومنها أشجار الموز ومزارع البن .وهي عبارة عن تكوينات جبلية شديدة الانحدار مواجهة للشمال والجنوب والغرب تغطيها نباتات كثيفة، تتكون في معظمها من غابات العرعر مع خليط من أشجار نباتات أخرى. وفي بعض هذه المنحدرات الشديدة تنعدم التربة تماماً وتصبح صخوراً جرداء خاصة في الجزء العلوي من المنحدر الجنوبي المواجه للشمال. وهناك الكثير من المجاري المائية التي تصب في « شعيب ريدة » وبعضها لا يتبين مجراها إلا عند السير على الأقدام في غابات العرعر، وذلك لأن بعض هذه المجاري المائية ظلت سطحية حيث لم تستطع حفر مجاري عميقة لها بسبب صلابة الصخور إلا أن بعضها نجح في حفر خوانق مائية عميقة،
ولم يكن في الماضي من المستطاع الوصول إلى الغابات في سفوح جرف ريدة إلا بصعوبة شديدة، وذلك عبر دروب وعرة لا تمر بخوانق الشعاب ذات الغطاء النباتي الكثيف، ولذلك بقى الغطاء النباتي في هذه المنطقة على حالته الطبيعية الأصلية لم تعبث به يد الإنسان، ولم يقض عليه الحيوان.
تتميز محمية ريدة بغطائها النباتي الكثيف، الذي تسوده أشجار العرعر المختلطة مع أشجار العتم ( الزيتون البري ) والطلح وغيرها، بالإضافة إلى تنوعها الحيواني الفريد، حتى أن البعض أطلق عليها «جنة السروات»، وتعد بيئة غابات العرعر بيئة مناسبة لحياة كثير من أنواع الطيور الفطرية التي تتخذ من هذه المواقع ملاجئ لتكاثرها. كما أنها توفر في نفس الوقت بيئة ملائمة لنمو كثير من النباتات الهامة التي تستوطن أرضية الغابات مثل السراخس والأعشاب الزهرية الفطرية. وتمتاز بيئة ريدة عن غيرها بعذريتها، وعدم تأثرها بالنشاط الإنساني إلا قليلاً جداً، نظراً لوعورة المكان وصعوبة الوصول إليه. وتجاور محمية جرف ريدة «متنزه عسير الوطني» لكنها تقع خارج حدوده، وحدودها الشمالية ملاصقة لمتنزه السحاب وجبل السودة ( أعلى قمة في المملكة العربية السعودية، 3250م ). ولذا فهي موقع ذو حساسية عالية سيكون مردود حمايته على المتنزهات المجاورة من حيث توفير العناصر الحيوانية والنباتية العظيمة للمنطقة ككل.
أكثر من 300 نوع نباتي موزعة في ثلاثة نطاقات وتضم المحمية 332 نوعا من النباتات الفطرية ، حيث تحتل غابات أشجار العرعر والأشنات، التي تميز المنطقة، في النطاق العلوي منها قرب قمة الجبل. وهي بذلك تقوم بعملها كمصائد للمياه التي تكثفها من السحب التي تمر بها، وترسلها ماءً عذباً فراتاً نقيا للإنسان والحيوان والنبات في مجاري مائية مستديمة طوال العام كما ترتفع الرطوبة النسبية إلى ما يزيد على 50% في الصيف و 80% في الشتاء. ويأتي في النطاق الأوسط على سفوح الجبال أشجار الطلح والزيتون البري، وأنواع من الصبارات والشجيرات الأخرى، أما في النطاق الأسفل من الجبل فتسود الشجيرات الصغيرة والأعشاب لأنها أكثر انفتاحا وامتدادا.
ربع تنوع الطيور في المملكة
وقد كشفت الدراسات عن وجود ثروة حيوانية متنوعة بتنوع الحياة النباتية. فنجد في ريدة زهور النباتات البرية المختلفة بألوانها ورائحتها تجذب أنواع الحشرات المختلفة، كالفراشات وطيور الشمس، التي تتخذ من رحيق الزهور غذاء لها، وتنقل إلى الزهور الأخرى لقاحها.
ومن أكثر المشاهد في محمية ريدة قرود البابون التي تشاهد بكثرة في المحمية وهي تنتقل من شجرة إلى شجرة تبحث عن طعامها بين ثمار الأشجار التي تأكلها وتنتقل من منطقة إلى أخرى. اما عن الطيور داخل محمية ريدة فقد تم تسجيل وجود أكثر من 98 نوعاً من الطيور البرية داخل نطاق المحمية، بالإضافة إلى 25 نوعاً أخرى في محيطها، وهذه الأرقام تعني أن محمية ريدة وحدها تضم 25% من تنوع الطيور في المملكة.
ومن أهم تلك الأنواع المستوطنة من الطيور الحجل العربي احمر القدم، نقار الخشب العربي، الشادي اليماني، طائر ابو قرن، الزرزور أبيض القرنين وغيرها. ولهذه الطيور تعد أشجار العرعر غذاء مهماً لها. ويزداد الأمر عجباً، حينما تتخذ بعض الطيور من محمية ريدة محطة للتزود بالغذاء أثناء هجرتها بين أوربا وأفريقيا إضافة لبعض الطيور المهاجرة التي تقضي إجازتها الشتوية في أحضان محمية ريدة.
>